responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 134


إذ فاض عليهم من نور النبوّة ما يحرسهم في الأكثر عن الخطأ . وإذا كان الاعتماد على المسموع من الغير تقليدا غير مرضىّ فالاعتماد على الكتب والتصانيف أبعد ، بل الكتب والتصانيف محدثة لم يكن شيء منها في زمن الصحابة وصدر التابعين ، وإنما حدثت بعد سنة مائة وعشرين من الهجرة ، وبعد وفاة جميع الصحابة وجلة التابعين رضى الله عنهم ، وبعد وفاة سعيد بن المسيب والحسن وخيار التابعين ، بل كان الأولون يكرهون كتب الأحاديث وتصنيف الكتب ، لئلا يشتغل الناس بها عن الحفظ وعن القرءان وعن التدبر والتذكر ، وقالوا : احفظوا كما كنا نحفظ .
ولذلك كره أبو بكر وجماعة من الصحابة رضى الله عنهم تصحيف القرءان في مصحف ، وقالوا :
كيف نفعل شيئا ما فعله رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ، وخافوا اتكال الناس على المصاحف ، وقالوا : نترك القرءان يتلقاه بعضهم من بعض بالتلقين والإقراء ليكون هذا شغلهم وهمهم ، حتى أشار عمر رضى الله عنه وبقية الصحابة بكتب القرءان ، خوفا من تخاذل الناس وتكاسلهم ، وحذرا من أن يقع نزاع فلا يوجد أصل يرجع إليه في كلمة أو قراءة من المتشابهات ، فانشرح صدر أبي بكر رضى الله عنه لذلك ، فجمع القرءان في مصحف واحد . وكان أحمد بن حنبل ينكر على مالك في تصنيفه الموطأ ، ويقول : ابتدع ما لم تفعله الصحابة رضى الله عنهم وقيل : أول كتاب صنف في الإسلام كتاب ابن جريج في الآثار ، وحروف التفاسير عن مجاهد وعطاء وأصحاب ابن عباس رضى الله عنهم بمكة ، ثم كتاب معمر بن راشد الصنعاني باليمن ، جمع فيه سننا مأثورة نبوية ، ثم كتاب الموطإ بالمدينة لمالك بن أنس ، ثم جامع سفيان الثوري .
ثم في القرن الرابع حدثت مصنفات الكلام ، وكثر الخوض في الجدال ، والغوص في إبطال المقالات ، ثم مال الناس إليه وإلى القصص والوعظ بها ، فأخذ علم اليقين في الاندراس من ذلك الزمان ، فصار بعد ذلك يستغرب علم القلوب ، والتفتيش عن صفات النفس ومكايد الشيطان ، وأعرض عن ذلك إلا الأقلون ، فصار يسمى المجادل المتكلم عالما ، والقاص المزخرف كلامه بالعبارات المسجعة عالما ، وهذا لأن العوام هم المستمعون إليهم ، فكان لا يتميز لهم حقيقة العلم من غيره ، ولم تكن سيرة الصحابة رضى الله عنهم وعلومهم ظاهرة عندهم حتى كانوا يعرفون بها مباينة هؤلاء لهم ، فاستمر عليهم اسم العلماء ، وتوارث اللقب خلف عن سلف ، وأصبح

134

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 134
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست