responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 123


ولكن من كان غريزته العقل وسجيته اليقين لم تضره الذنوب ، لأنه كلما أذنب تاب واستغفر وندم ، فتكفر ذنوبه ، ويبقى له فضل يدخل به الجنة ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم [ 1 ] « إنّ من أقلّ ما أوتيتم اليقين وعزيمة الصّبر ومن أعطى حظَّه منهما لم يبال ما فاته من قيام اللَّيل وصيام النّهار » .
وفي وصية لقمان لابنه ) * : يا بني لا يستطاع العمل إلا باليقين ، ولا يعمل المرء إلا بقدر يقينه ، ولا يقصر عامل حتى ينقص يقينه وقال يحيى بن معاذ : إن للتوحيد نورا ، وللشرك نارا ، وإن نور التوحيد أحرق لسيئات الموحدين من نار الشرك لحسنات المشركين . وأراد به اليقين . وقد أشار الله تعالى في القرءان إلى ذكر الموقنين في مواضع دل بها على أن اليقين هو الرابطة للخيرات والسعادات فان قلت : فما معنى اليقين ، وما معنى قوته وضعفه فلا بد من فهمه أولا ثم الاشتغال بطلبه وتعلمه ، فان ما لا تفهم صورته لا يمكن طلبه ؟
فاعلم أن اليقين لفظ مشترك يطلقه فريقان لمعنيين مختلفين :
أما النظَّار والمتكلمون فيعبرون به عن عدم الشك ، إذ ميل النفس إلى التصديق بالشيء له أربع مقامات :
الأول - أن يعتدل التصديق والتكذيب ، ويعبر عنه بالشك ، كما إذا سئلت عن شخص معين أن الله تعالى يعاقبه أم لا وهو مجهول الحال عندك ، فان نفسك لا تميل إلى الحكم فيه بإثبات ولا نفى ، بل يستوي عندك إمكان الأمرين ، فيسمى هذا شكا الثاني - أن تميل نفسك إلى أحد الأمرين مع الشعور بامكان نقيضه ، ولكنه إمكان لا يمنع ترجيح الأول ، كما إذا سئلت عن رجل تعرفه بالصلاح والتقوى أنه بعينه لو مات على هذه الحالة هل يعاقب ؟ فان نفسك تميل إلى أنه لا يعاقب أكثر من ميلها إلى العقاب ، وذلك لظهور علامات الصلاح ، ومع هذا فأنت تجوّز اختفاء أمر موجب للعقاب في باطنه وسريرته ، فهذا التجويز مساو لذلك الميل ، ولكنه غير دافع رجحانه . فهذه الحالة تسمى ظنا الثالث - أن تميل النفس إلى التصديق بشيء بحيث يغلب عليها ولا يخطر بالبال غيره ، ولو خطر بالبال تأبى النفس عن قبوله ، ولكن ليس ذلك مع معرفة محققة ، إذ لو أحسن صاحب

123

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 123
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست