اغتسل أن يموت فيتيمم ، إسناده حسن ، والأصح وقفه عليه . وفهم من عبارة المصنف أن خوف فوت النفس والعضو كذلك من باب أولى ، وصرح بهما في المحرر . ولو كان مرضه يسيرا أو لم يكن به مرض فخاف حدوث مرض مخوف من استعمال الماء تيمم على المذهب ، أو يخاف شدة الضنا ، قال في المجموع : هذا إن لم يعص بالمرض ، فإن عصى به لم يصح تيممه حتى يتوب . فإن قيل : قول المصنف مرض ليس وجود المرض شرطا ، بل الشرط أن يخاف من استعمال الماء ما ذكر كما تقرر . أجيب بأن الغالب أن الخوف إنما يحصل مع المرض ، ومع هذا لو قال أن يخاف من استعماله ، كذا كان أولى . ( وكذا بطء البرء ) بفتح الباء وضمها ، أي طول مدته وإن لم يزد الألم ، وكذا زيادة العلة ، وهو إفراط الألم وكثرة المقدار وإن لم تطل المدة . ( أو الشين الفاحش ) كسواد كثير ( في عضو ظاهر في الأظهر ) فيهما ، لأن ضرر ذلك فوق ثمن المثل ولأنه يشوه الخلقة ويدوم ضرره . والمراد بالظاهر كما قال الرافعي ما يبدو عند المهنة غالبا كالوجه واليدين ، وقيل : ما لا يعد كشفه هتكا للمروءة ، وقيل : ما عدا العورة . والشين : الأثر المستكره من تغير لون ونحول واستحشاف وثغرة تبقى ولحمة تزيد ، قاله الرافعي في أثناء الديات . والثاني : لا يتيمم لذلك لانتفاء التلف . وقد روي عن ابن عباس موقوفا ومرفوعا تفسير المرض في الآية بالذي يخاف معه التلف . وعلى الأول إنما يتيمم إن أخبره بكونه يحصل منه ذلك وبكونه مخوفا فيما تقدم طبيب مقبول الرواية ولو عبدا أو امرأة أو عرف هو ذلك من نفسه ، وإلا فلا يتيمم كما جزم به في التحقيق ونقله في الروضة عن أبي علي السنجي وأقره ، هذا هو المعتمد ، وجزم البغوي بأنه يتيمم . قال الأسنوي : ويدل له ما في شرح المهذب في الأطعمة عن نص الشافعي أن المضطر إذا خاف من الطعام المحضر إليه أنه مسموم جاز له تركه والانتقال إلى الميتة اه . وفرق شيخي بأن ذمته هنا اشتغلت بالطهارة بالماء فلا تبرأ من ذلك إلا بدليل ، ولا كذلك أكل الميتة . وخرج بالفاحش اليسير كقليل سواد أو أثر جدري ، وبالظاهر الفاحش في الباطن فلا أثر لخوف ذلك . واستشكله ابن عبد السلام بأن المتطهر قد يكون رقيقا فتنقص قيمته نقصا فاحشا ، فكيف لا يباح له التيمم مع إباحته فيما لو امتنع من بيع الماء إلا بزيادة يسيرة ؟ وكذا لو كان حرا فإن الفلس مثلا أهون على النفوس من أثر الجدري على الوجه ومن الشين الفاحش في الباطن لا سيما الشابة المقصودة للاستمتاع . وأجيب بأن الخسران في الزيادة محقق بخلافه في نقص الرقيق ، ولذا وجب استعمال الماء المشمس إذا لم يجد غيره وإن كان يخشى منه البرص ، لأن حصول البرص غير محقق ، وبأن تفويت المال إنما يؤثر إذا كان سببه تحصيل الماء لا استعماله ولا لاثر نقص الثوب ببله بالاستعمال ولا قائل به . وأما الشين فإنما يؤثر إذا كان سببه الاستعمال ، والضرر المعتبر في الاستعمال فوق الضرر المعتبر في التحصيل ، ويشهد له ما مر من أنه لو خاف خروج الوقت بطلب الماء تيمم ، ولو خاف خروجه بالاستعمال لا يتيمم . ( وشدة البرد ) في إباحة التيمم ( كمرض ) إذا خيف من استعمال الماء المعجوز عن تسخينه أو عما يدثر به الأعضاء بعد استعماله ما تقدم ، لأن عمرو بن العاص تيمم عن جنابة لخوف الهلاك من البرد وأقره ( ص ) على ذلك ، رواه أبو داود وصححه الحاكم وابن حبان . ( وإذا امتنع استعماله ) أي الماء وجوبه ، ( في عضو ) من محل الطهارة لنحو مرض أو جرح ، ( إن لم يكن عليه ساتر ، وجب التيمم ) جزما لئلا يبقى موضع العلة بلا طهارة ، فيمر التراب ما أمكن على موضع العلة إن كان بمحل التيمم . وعرف التيمم بالألف واللام إشارة للرد على من قال من العلماء إنه يمر التراب على المحل المعجوز عنه . ( وكذا ) يجب ( غسل الصحيح ) بقدر الامكان ( على المذهب ) لما رواه أبو داود وابن حبان في حديث عمرو بن العاص في رواية لهما : أنه غسل معاطفه وتوضأ وضوءه للصلاة ثم صلى بهم قال البيهقي : معناه أنه غسل ما أمكنه وتوضأ وتيمم للباقي . والطريق الثاني في وجوب غسله القولان فيمن وجد من الماء ما لا يكفيه ، ذكر ذلك في المجموع . وذكر في الدقائق أنه عدل عن قول المحرر وغسل الصحيح ، والصحيح أنه يتيمم إلى ما في المنهاج لأنه الصواب فإن التيمم واجب قطعا ، زاد في الروضة : لئلا يبقى موضع الكسر بلا طهر . وقال : لم أر خلافا في وجوب التيمم لاحد من أصحابنا . ويتلطف في غسل الصحيح المجاور للعليل فيوضع