مسلم : أن رجلا جاء إلى النبي ( ص ) فقال : يا رسول الله إني حلقت قبل أن أرمي . فقال : ارم ولا حرج ، وأتاه آخر فقال : إني أفضت إلى البيت قبل أن أرمي ، فقال : ارم ولا حرج . وفي الصحيحين : أنه ( ص ) ما سئل عن شئ يومئذ قدم ولا أخر إلا قال : افعل ولا حرج . ( ويدخل وقتها ) إلا ذبح الهدي ، ( بنصف ليلة النحر ) لمن وقف قبله ، لخبر أبي داود بإسناد صحيح على شرط مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها : أنه ( ص ) أرسل أم سلمة ليلة النحر فرمت قبل الفجر ثم أفاضت . وقيس بالرمي الآخر أن يجامع أن كلا من أسباب التحلل ، ووجهه الدلالة من الخبر بأنه ( ص ) علق الرمي بما قبل الفجر ، وهو صالح لجمع الليل ، ولا ضابط له ، فجعل النصف ضابطا لأنه أقرب إلى الحقيقة مما قبله ولأنه وقت للدفع من مزدلفة ولأذان الصبح ، فكان وقتا للرمي كما بعد الفجر . ويسن تأخيرها إلى بعد طلوع الشمس للاتباع . أما إذا فعلها بعد انتصاف الليل وقبل الوقوف فإنه يجب عليه إعادتها . وأما ذبح الهدي المسوق تقربا لله تعالى فيدخل وقته بدخول وقت الأضحية كما سيأتي . ( ويبقى وقت الرمي إلى آخر يوم النحر ) لما روى البخاري : أن رجلا قال للنبي ( ص ) : إني رميت بعدما أمسيت ، فقال : لا حرج . والمساء بعد الزوال ، وظاهر كلامه أنه لا يكفي بعد الغروب ، وبه صرح في أصل الروضة لعدم وروده . واعترض بأنه سيأتي أنه إذا أخر رمي يوم إلى ما بعده من أيام الرمي يقع أداء ، وقضيته أن وقته لا يخرج بالغروب ، وهذا هو المعتمد . وأجيب بحمل ما هنا على وقت الاختيار ، وما هناك على وقت الجواز . وقد صرح الرافعي بأن وقت الفضيلة لرمي يوم النحر ينتهي بالزوال ، فيكون لرميه ثلاثة أوقات : وقت فضيلة إلى الزوال ، ووقت اختيار إلى الغروب ، ووقت جواز إلى آخر أيام التشريق . ( ولا يختص الذبح ) للهدي المتقرب به ، ( بزمن ) لكنه يختص بالحرم ، بخلاف الضحايا فتختص بالعيد وأيام التشريق . ( قلت : الصحيح اختصاصه بوقت الأضحية ، وسيأتي ) للمحرر ( في آخر باب محرمات الاحرام على الصواب ، والله أعلم ) وعبارته هناك : ووقته وقت الأضحية على الصحيح ، هذا بناه المصنف على ما فهمه من أن مراد الرافعي بالهدي هنا : المساق تقربا لله تعالى ، فاعترضه هنا وفي الروضة والمجموع . واعترض الأسنوي المصنف بأن الهدي يطلق على دم الجبرانات والمحظورات ، وهذا لا يختص بزمان وهو المراد هنا ، وفي قوله أولا ثم يذبح من معه هدي ، وعلى ما يساق تقربا إلى الله تعالى ، وهذا هو المختص بوقت الأضحية على الصحيح وهو المذكور في آخر باب محرمات الاحرام ، فلم يتوارد الكلامان على محل واحد حتى يعد ذلك تناقضا . وقد أوضح الرافعي ذلك في باب الهدى من الشرح الكبير ، فذكر أن الهدي يقع على الكل ، وأن الممنوع فعله في غير وقت الأضحية هو ما يسوقه المحرم ، لكنه لم يفصح في المحرر عن المراد كما أفصح عنه في الكبير ، فظن المصنف أن المسألة واحدة فاستدرك عليه ، وكيف يجئ الاستدراك مع تصريح الرافعي هناك بما يبين المراد اه . أي فكان الأولى للمصنف أن يحمل كلامه هنا على كلامه في الشرح الكبير وإن كان الهدي إنما ينصرف عند الاطلاق إلى ما يتعلق بذلك المحل ، لأن الجمع حيث أمكن بين كلامين ظاهرهما التناقض يكون أولى من الاعتراض . ( والحلق ) بالمعنى السابق ، أو التقصير ( والطواف والسعي ) إن لم يكن فعل بعد طواف قدوم ، ( لا آخر لوقتها ) لأن الأصل عدم التأقيت ويبقى من هي عليه محرما حتى يأتي بها كما في المجموع ، لكن الأفضل فعلها يوم النحر . ويكره تأخيرها عن يومه ، وعن أيام التشريق أشد كراهة ، وعن خروجه من مكة أشد ، ذكره في المجموع . وهذا صريح في جواز تأخيرها عن أيام الحج . فإن قيل : بقاؤه على إحرامه يشكل بقولهم : ليس لصاحب الفوات أن يصبر على إحرامه للسنة القابلة لأن استدامة الاحرام كابتدائه وابتداؤه لا يجوز . أجيب بأنه في تلك لا يستفيد ببقائه على إحرامه شيئا غير محض تعذيب نفسه لخروج وقت الوقوف ، فحرم بقاؤه على إحرامه وأمر بالتحلل . وأما هنا فوقت ما أخره باق فلا يحرم