بالسلام فقد سلم . ( فحينا ربنا بالسلام ) أي سلمنا بتحيتك من جميع الآفات ، وذلك لما رواه البيهقي عن عمر رضي الله تعالى عنه ، قال في المجموع : بإسناد ليس بقوي . ويسن أن يدعو بما أحب من المهمات وأهمها المغفرة ، ( ثم يدخل ) عقب ذلك ( المسجد ) الحرام ( من باب بني شيبة ) أحد أبواب المسجد ، وإن لم يكن بطريقه للاتباع ، رواه البيهقي بإسناد صحيح . والمعنى فيه : أن باب الكعبة والحجر الأسود في جهة ذلك الباب ، وهي أشرف الجهات الأربع كما قاله ابن عبد السلام في قواعده . وشيبة اسم رجل مفتاح الكعبة في يد ولده ، وهو ابن عثمان بن طلحة . تنبيه : ظاهر كلام المصنف أن الدخول من هذا الباب إنما يسن لمن أتى من طريق المدينة ، فإنه عطف على قوله : ويدخلها من ثنية كداء وليس مرادا ، بل قال الرافعي : أطبقوا على استحباب الدخول منه لكل قادم سواء أكان في طريقه أم لا ، بخلاف الدخول من الثنية العليا ، فإن فيه الخلاف المار . والفرق أن الدوران حول المسجد لا يشق بخلافه حول البلد . ويسن أن يخرج من باب بني مخزوم إلى الصفا ، وهو المسمى الآن بباب الصفا ، ومن باب بني سهم إذا خرج إلى بلده ، وهو المسمى اليوم بباب العمرة . ( ويبتدئ ) ندبا أول دخوله المسجد قبل تغيير ثيابه واكتراء منزله ونحوهما ، ( بطواف القدوم ) للاتباع ، رواه الشيخان . والمعنى فيه أن الطواف تحية البيت لا المسجد فلذلك يبدأ به ، ويستثنى منه ما لو خاف فوت مكتوبة أو سنة مؤكدة أو وجد جماعة قائمة أو تذكر فائتة مكتوبة ، فإنه يقدم ذلك على الطواف كما في المجموع عن الأصحاب . ولو أقيمت الصلاة وهو في أثناء الطواف قطعه وصلى ، لأن ما ذكر يفوت والطواف لا يفوت . ولو حضرت جنازة قطعه إن كان نفلا ، نص عليه . وفي الكفاية عن الماوردي أن من له عذر يبدأ بإزالته . ولو قدمت امرأة نهارا وهي ذات جمال أو شرف - وهي التي لا تبرز للرجال - سن لها أن تؤخره إلى الليل ، وقيده بعضهم بما إذا أمنت الحيض الذي يطول زمنه ، وهو كما قال ابن شهبة حسن . والخنثى كالأنثى كما قاله في المجموع . ولو دخل المسجد وقد منع الناس من الطواف صلى تحية المسجد كما جزم به في المجموع ، وإنما قدم الطواف عليها فيما مر لأن القصد من إتيان المسجد البيت وتحيته الطواف ، ولأنها تحصل بركعتيه غالبا . ولو أخر طواف القدوم ففي فواته وجهان حكاهما الامام ، لأنه يشبه تحية المسجد ، وقضيته أنه لا يفوت وهو كذلك ، ومعلوم أنه لا يفوت بالجلوس في المسجد كما تفوت به تحية المسجد ، نعم يفوت بالوقوف بعرفة لا بالخروج من مكة . ( ويختص طواف القدوم ) في المحرم ( بحاج دخل مكة قبل الوقوف ) مفردا كان أو قارنا ، لأن الحاج بعد الوقوف والمعتمر قد دخل وقت طوافهما المفروض ، فلا يصح قبل أدائه أن يتطوعا بطواف قياسا على أصل النسك ، وبهذا فارق ما نحن فيه الصلاة حيث أمر بالتحية قبل العرض . أما الحلال فيسن طواف القدوم له ، وإن أوهمت عبارة المصنف خلافه . وكما يسمى طواف القدوم يسمى طواف القادم وطواف الورود والوارد والتحية . فائدة : قال ابن أسباط : بين الركن والمقام وزمزم قبور تسعة وتسعين نبيا ، وإن قبر هود وصالح وشعيب وإسماعيل في تلك البقعة . تنبيه : قال الولي العراقي : اعترض على تعبير المصنف بأنه مقلوب ، وصوابه : ويختص حاج دخل مكة قبل الوقوف بطواف القدوم فإن الباء تدخل على المقصور اه . لكن هذا أكثري لا كلي ، فالتعبير بالصواب خطأ . ( ومن قصد مكة ) أو الحرم ( لا لنسك ، استحب ) له ( أن يحرم بحج ) إن كان في أشهره ويمكنه إدراكه ، ( أو عمرة ) قياسا على التحية ، وهذا ما في المجموع عن الأكثرين وعن نص الشافعي في عامة كتبه . ( وفي قول يجب ) وهو منصوص الام وجعله في البيان الأشهر ، وصححه جمع منهم المصنف في نكت التنبيه . ويدل للأول حديث المواقيت السابق : هن لهن ولمن أتى