البلاد إليك فقال ابن عبد البر : لا يختلف أهل العلم في نكارته وضعفه . واختلف في استحباب المجاورة بمكة ، فقال المصنف في الايضاح : المختار استحبابه إلا أن يغلب على ظنه الوقوع في الأمور المحذورة ، و ( الأفضل ) للمحرم بالحج ولو قارنا ( دخولها قبل الوقوف ) بعرفة إذا لم يخش فوته ، للاتباع ولكثرة ما يحصل له من السنن الآتية . ( وأن يغتسل داخلها ) بالرفع فاعل يغتسل : الجائي ( من طريق المدينة ) والشام ومصر والمغرب ( بذي طوى ) للاتباع ، رواه الشيخان . وطوى بالقصر وتثليث الطاء ، والفتح أجود : واد بمكة بين الثنيتين وأقرب إلى السفلى ، سمي بذلك لاشتماله على بئر مطوية بالحجارة ، يعني مبنية بها ، والطي البناء . ويجوز فيها الصرف وعدمه على إرادة المكان أو البقعة . ولا فرق في الداخل بين كونه حاجا أو معتمرا كما صرح به في المجموع . قال بعضهم : وعبارة الروضة تقتضي اختصاصه بالحاج ، وليس مرادا ، بل مقتضى حديث الصحيحين استحبابه لمحرم وحلال . والراجح ما في المجموع . أما الغسل لدخول مكة فقد تقدم في الباب المتقدم أنه مستحب مطلقا ، وإنما أعاده لبيان محله وهو كونه من ذي طوى ، وأما الجائي من غير طريق المدينة كاليمين فيغتسل من نحو تلك المسافة كما في المجموع وغيره . قال المحب الطبري : ولو قيل باستحبابه لكل حاج ومعتمر لم يبعد اه . والمعتمد الأول ، وإطلاقهم يقتضي أنه لا فرق بين الرجل وغيره . ( و ) أن ( يدخلها من ثنية كداء ) بفتح الكاف والمد والتنوين ، وهي الثنية العليا ، وهي موضع بأعلى مكة وإن لم تكن بطريقه كما صححه المصنف وصوبه لما قاله الجويني أنه ( ص ) عرج إليها قصدا . وحكى الرافعي عن الأصحاب تخصيصه بالآتي من طريق المدينة للمشقة وهو الموافق لما تقدم في الغسل ، والمعتمد الأول . قال الأسنوي : ولعل الفرق على الأول أن ما ذكر في كداء من الحكمة الآتية غير حاصلة بسلوك غيرها ، وفي الغسل من قصد النظافة حاصل في كل موضع . وأن يخرج من ثنية كدى بضم الكاف والقصر والتنوين ، وهي الثنية السفلى عند جبل قعيقعان ، لأنه ( ص ) كان يدخل من الثنية العليا ويخرج من الثنية السفلى . والثنية الطريق الضيق بين الجبلين . وخصت العليا بالدخول لقصد الداخل موضعا عالي المقدار والخارج عكسه ، ولان إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين قال : * ( فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم ) * كان على العليا ، كما روي عن ابن عباس . وقضيته كما قال الأسنوي استحباب ذلك لغير المحرم ، قاله السهيلي . ويسن كما في المجموع إذا دخل الحرم أن يستحضر في قلبه ما أمكنه من الخشوع بظاهره وباطنه ويتذكر جلالة لحرم ومزينه على غيره ، وأن يقول : اللهم هذا حرمك وأمنك ، فحرمني على النار وأمني من عذابك يوم تبعث عبادك ، واجعلني من أوليائك وأهل طاعتك . والأفضل أن يدخل مكة نهارا وماشيا إن لم يشق عليه ذلك ، وأن يكون حافيا إن لم تلحقه مشقة ولم يخف نجاسة رجله . ودخوله أول النهار بعد صلاة الفجر أفضل اقتداء به ( ص ) ، وظاهر إطلاقهم أنه لا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة . وينبغي كما قال الأذرعي أن يكون دخول المرأة في نحو هودج ليلا أفضل . وأن يكون دخوله بخشوع متضرعا ، قال الماوردي : ويكون من دعائه : اللهم البلد بلدك والبيت بيتك ، جئت أطلب رحمتك وأؤم طاعتك متبعا لأمرك راضيا بقدرك مسلما لأمرك ، أسألك مسألة المضطر إليك المشفق من عذابك أن تستقبلني بعفوك ، وأن تتجاوز عني برحمتك ، وأن تدخلني جنتك . ( و ) أن ( يقول ) داخلها ( إذا أبصر البيت ) أي الكعبة ، والداخل من الثنية العليا يرى البيت من رأس الردم قبل دخوله المسجد ، أو وصل محل رؤيته ولم يره لعمى أو ظلمة أو نحو ذلك رافعا يديه : ( اللهم زد هذا البيت تشريفا ) هو الترفع والاعلاء ، ( وتعظيما ) وهو التبجيل ، ( وتكريما ) هو التفضيل ، ( ومهابة ) هي التوقير والاجلال ، ( وزد من شرفه وعظمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتكريما وتعظيما وبرا ) هو الاتساع في الاحسان والزيادة فيه ، وذلك للاتباع ، رواه الشافعي عن ابن جريج عن النبي ( ص ) مرسلا إلا أنه قال وكرمه بدل وعظمه . ( اللهم أنت السلام ) أي ذو السلامة من النقائص ، ( ومنك السلام ) أي ابتدئ منك ، ومن أكرمته