( فاضلا ) أيضا ( عن مسكنه ) اللائق به المستغرق لحاجته ، ( و ) عن ( عبد ) يليق به ، و ( يحتاج إليه لخدمته ) لمنصب أو عجز كما يستعان في الكفارة ، وعلى هذا لو كان معه نقد يريد صرفه إليهما مكن منه . والثاني : لا يشترط ، بل يباعان قياسا على الدين . ومحل الخلاف إذا كانت الدار مستغرقة لحاجته وكانت سكنى مثله والعبد يليق به كما قررت به كلام المصنف . فأما إذا أمكن بيع بعض الدار ولو غير نفيسة ووفى ثمنه بمؤنة الحج ، وكانا نفيسين لا يليقان بمثله ، ولو أبدلهما لو في التفاوت بمؤنة الحج فإنه يلزمه ذلك جزما ولو كانا مألوفين ، بخلافه في الكفارة لا يلزمه بيعهما في هذه الحالة لأن لها بدلا . والأمة كالعبد ولو كانت للمتمتع . قال الأسنوي : وكلامهم يشمل المرأة المكفية بإسكان الزوج وإخدامه ، وهو متجه لأن الزوجية قد تنقطع فتحتاج إليهما ، وكذا المسكن للمتفقهة الساكنين ببيوت المدارس والصوفية بالربط ونحوهما اه . والأوجه ما قاله ابن العماد من أن هؤلاء مستطيعون لاستغنائهم في الحال فإنه المعتبر ، ولهذا تجب زكاة الفطر على من كان غنيا ليلة العيد وإن لم يكن معه ما يكفيه في المستقبل . ويؤيد ذلك أنهم لما تكلموا على استحباب الصدقة بما فضل عن حاجته قال الزركشي هناك : إن المراد بالحاجة حاجة اليوم والليلة كما اقتضاه كلام الغزالي في الاحياء ، فلم يعتبروا حاجته في المستقبل . ويشترط كون ما ذكر فاضلا أيضا عن كتب العالم إلا أن يكون له من تصنيف واحد نسختان فيبيع إحداهما ، وحكم خيل الجندي وسلاحه ككتب الفقيه كما قاله ابن الأستاذ ، وهذان يجريان في الفطرة . والحاجة إلى النكاح لا تمنع الوجوب ، لكن الأفضل لخائف العنت تقديم النكاح ولغيره تقديم النسك . ( و ) الأصح ( أنه يلزمه صرف مال تجارته إليهما ) أي الزاد والراحلة وما يتعلق بهما ، ويلزم من له مستغلات يحصل منها نفقته أن يبيعها ويصرفها لما ذكر في الأصح ، كما يلزمه صرف ما ذكر في دينه ، ويخالف المسكن والخادم فإنه يحتاج إليهما في الحال ، وما نحن فيه من إنما يتخذ ذخيرة للمستقبل ، والثاني : لا يلزمه ما ذكر لئلا يلتحق بالمساكين . وإطلاق المصنف وغيره يقتضي أنه لا فرق بين أن يكون له كسب أو لا ، وهو كذلك ، وإن قال الأسنوي فيه بعده : قال في الاحياء : من استطاع الحج ولم يحج حتى أفلس فعليه الخروج إلى الحج ، وإن عجز للافلاس فعليه أن يكتسب قدر الزاد ، فإن عجز فعليه الخروج ويسأل الزكاة والصدقة ويحج ، فإن لم يفعل ومات مات عاصيا . ( الثالث ) من شروط الاستطاعة : ( أمن الطريق ) ولو ظنا في كل مكان بحسب ما يليق به ، ( فلو خاف ) في طريقه ( على نفسه ) أو عضوه أو نفس محترمة معه أو عضوها ( أو ماله ) ولو يسيرا ، وينبغي كما قال بعض المتأخرين تقييده بما لا بد منه للنفقة والمؤن . أما إذا أراد استصحاب مال خطير للتجارة وكان الخوف لأجله فليس بعذر . ( سبعا أو عدوا أو رصديا ) بفتح الصاد المهملة وسكونها ، وهو من يرصد : أي يرقب من يمر ليأخذ منه شيئا . ( ولا طريق ) له ( سواء ، لم يجب الحج ) عليه لحصول الضرر . والمراد بالأمن الامن العام ، حتى لو كان الخوف في حقه وحده قضى من تركته كما نقله البلقيني عن النص . وجزم في الكفاية بأنه إذا كان الخوف في حق الواحد والنفر القليل لم يمنع الوجوب ، ولا فرق في الذي يخاف منه بين المسلمين ، والكفار ، لكن إن كانوا كفارا وأطاق الخائفون مقاومتهم سن لهم أن يخرجوا للنسك ويقاتلوهم لينالوا ثواب النسك والجهاد ، وإن كانوا مسلمين لم يسن لهم الخروج والقتال . فإن قيل : إذا كان الكفار مثلينا أو أقل لم لا يجب قتالهم كما صرحوا به في باب السير ، لأنه يحرم انصرافنا عنهم حينئذ ؟ أجيب بأن ذلك عند التقاء الصفين وهذا بخلافه . ويكره بذل المال للرصدي لما فيه من التحريض على التعرض للناس ، سواء أكان مسلما أم كافرا . فإن قيل : قد قيدوا تخصيص الكراهة في باب الاحصار بالكافر . أجيب بأن محلها هناك بعد الاحرام ، وبذل المال على المحرم أسهل من قتال المسلمين ، وهذا قبله ، فلم تكن حاجة لارتكاب الذل ، وعارض الكراهة هناك استمرار البقاء على الاحرام . نعم إن كان المعطي هو الامام أو نائبه وجب الحج ، نقله المحب الطبري عن الامام . قال في المهمات : وسكت عن الأجنبي ، والقياس عدم الوجوب للمنة اه . وهذا هو الظاهر خلافا لابن العماد . أما إذا كان له طريق آخر آمن فإنه يلزمه سلوكه وإن كان أبعد من الأول . ( والأظهر )