الأصحاب ، وينبغي اشتراط التعيين في الصوم الراتب كعرفة وعاشوراء وأيام البيض وستة من شوال كرواتب الصلاة ؟ أجيب بأن الصوم في الأيام المذكورة منصرف إليها ، بل لو نوى به غيرها حصل أيضا كتحية المسجد لأن المقصود وجود صومها . ( وكماله ) أي التعيين كما قاله في المحرر ، وعبر في الروضة بكمال النية ، ( في رمضان أن ينوي صوم غد ) أي اليوم الذي يلي الليلة التي ينوي فيها ( عن أداء فرض رمضان هذه السنة لله تعالى ) بإضافة رمضان ، وكذلك لتتميز عن أضدادها ، لكن فرض غير هذه السنة لا يكون إلا قضاء ، وقد خرج بقيد الأداء ، إلا أن يقال لفظ الأداء لا يغني عن السنة لأن الأداء يطلق ويراد به الفعل . ثم التعرض للغد قد يكون بخصوصه كما تقرر ، وقد يكون بإدخاله في عموم كأن ينوي صوم الشهر فيكفيه لليوم الأول لدخوله في صوم الشهر . قال في أصل الروضة : ولفظ الغد قد اشتهر في كلامهم في تفسير التعيين ، وهو في الحقيقة ليس من حد التعيين ، وإنما وقع ذلك من نظرهم إلى التبييت . ( وفي الأداء والفرضية والإضافة إلى الله تعالى الخلاف المذكور في الصلاة ) كذا ذكره الرافعي في كتبه وتبعه المصنف في الروضة . وظاهره أن يكون الأصح اشتراط الفرضية دون الأداء والإضافة إلى الله تعالى ، لكن صحح في المجموع تبعا للأكثرين عدم اشتراطها هنا ، وهو المعتمد بخلافه في الصلاة لأن صوم رمضان من البالغ لا يقع إلا فرضا بخلاف الصلاة ، فإن المعادة نفل . فإن قيل : الجمعة لا تقع من البالغ إلا فرضا مع أنه يشترط فيها نية الفرضية ؟ أجيب بأن ذلك ممنوع ، فإنه لو صلاها بمكان ثم أدرك جماعة في آخر يصلونها فصلاها معهم فإنها لا تقع منه فرضا . ( والصحيح ) المنصوص وقطع به الجمهور ( أنه لا يشترط تعيين السنة ) كما لا يشترط الأداء لأن المقصود منهما واحد ، والثاني : يشترط ليمتاز ذلك عما يأتي به في سنة أخرى . ولو نوى صوم غد وهو يعتقده الاثنين فكان الثلاثاء ، أو صوم رمضان هذه السنة وهو يعتقدها سنة ثلاث فكانت سنة أربع ، صح صومه بخلاف ما لو نوى صوم الثلاثاء ليلة الاثنين ، أو صوم رمضان سنة ثلاث فكانت سنة أربع ، ولم يخطر بباله في الأولى الغد وفي الثانية السنة الحاضرة لأنه لم يعين الوقت الذي نوى في ليلته ، وتصوير مثله بعيد . ولو كان عليه قضاء رمضانين فنوى صوم غد عن قضاء رمضان جاز وإن لم يعين أنه عن قضاء أيهما لأنه كله جنس واحد ، قاله القفال في فتاويه ، قال : وكذا إذا كان عليه صوم نذر من جهات مختلفة فنوى صوم النذر جاز وإن لم يعين نوعه ، وكذا الكفارات كما مرت الإشارة إليه . وجعل الزركشي ذلك مستثنى من وجوب التعيين . ويشترط أن تكون النية منجزة ، ويأتي في تعليقها بالمشيئة ما مر في الوضوء ، وأما التعليق بغيرها فقد أشار إليه بقوله : ( ولو نوى ليلة الثلاثين من شعبان صوم غد عن رمضان إن كان منه ) وصامه ( فكان منه لم يقع عنه ) سواء اقتصر على هذا أم زاد بعده فقال : وإلا أنا مفطر ، أو : متطوع للشك في أنه منه حال النية فليست جازمة . وسكت المصنف عما إذا جزم ولم يأت بلفظ إن الدالة على التردد ، وهو باطل أيضا على الصحيح لأن الجزم به لا أصل له بل هو حديث نفس . ( إلا إذا اعتقد ) أي ظن ( كونه منه بقول من يثق به من عبد أو امرأة ) أو فاسق ( أو صبيان رشداء ) أي مختبرين بالصدق ، لأن غلبة الظن هنا كاليقين كما في أوقات الصلوات فتصح النية المبيتة عليه حتى لو تبين ليلا كون غد من رمضان لم يحتج إلى تجديد نية أخرى . تنبيهات : أحدها : جمع الصبية ليس بمعتبر ، ففي المجموع لو أخبره بالرؤية مراهق ونوى صوم رمضان فبان منه أجزأه . ثانيها : لو ردد في هذه الحالة فقال : أصوم غدا عن رمضان . فإن لم يكن منه فهو تطوع ، وبان منه قال الامام لم يجزه ، وجزم به ابن المقري ، وقال الأسنوي : المتجه الاجزاء لأن النية معنى قائم بالقلب ، والتردد حاصل في القلب قطعا ذكره أم لم يذكره ، وقصده الصوم إنما هو بتقدير كونه من رمضان ، فكان كالتردد في القلب بعد حكم الحاكم . وذكر نحوه الزركشي ، قال : وهو الموافق لما حكاه الامام عن طوائف ، وكلام الام مصرح به ، ولا نقل يعارضه إلا دعوى الامام أنه ظاهر النص وليس كما ادعى اه . وهذا هو المعتمد كما اعتمده شيخي رحمه الله تعالى : ثالثها : ليس المراد بالرشد هنا المراد به في قوله : شرط العاقد الرشد ، بل المراد به ما ذكرته . زاد في المهمات : ولا يبعد اجتناب النواهي خصوصا الكبائر