وفي رواية : سنة بدل ملة . ويسن أن يزيد من الدعاء ما يناسب الحال . ( ولا يفرش تحته ) في القبر ( شئ ) من الفراش ، ( ولا ) يوضع تحت رأسه ( مخدة ) بكسر الميم جمعها مخاد بفتحها ، سميت بذلك لكونها آلة لوضع الخد عليها ، أي يكره ذلك لأنه إضاعة مال بل يوضع بدلها حجر أو لبنة ويفضي بخده إليه أو إلى التراب كما مرت الإشارة إليه . وفي سنن البيهقي عن أبي موسى الأشعري أنه لما احتضر أوصى أن لا يجعلوا في لحده شيئا يحول بينه وبين التراب . وأوصى عمر أنهم إذا أنزلوه القبر يفضوا بخده إلى الأرض . وقال البغوي : لا بأس أن يبسط تحت جنبه شئ ، لأنه جعل في قبره ( ص ) قطيفة حمراء . وأجاب الأصحاب بأن ذلك لم يكن صادرا عن جملة الصحابة ولا برضاهم وإنما فعله شقران كراهية أن يلبسها أحد بعده ( ص ) ، وفي الاستيعاب أن تلك القطيفة أخرجت قبل أن يهال التراب . تنبيه : لو عبر المصنف بقوله : ولا يتخذ له فراش ولا مخدة لاستغنى عما قدرته ، لأن المخدة إن دخلت فيما يفرش تحته فقد دخلت في لفظ الشئ ، وإن لم تدخل فيه وهو الصواب لم يبق لها عامل يرفعها . ( ويكره دفنه في تابوت ) بالاجماع لأنه بدعة ، ( إلا في أرض ندية ) بسكون الدال وتخفيف التحتية ، ( أو رخوة ) وهي بكسر الراء أفصح من فتحها : ضد الشديدة ، فلا يكره للمصلحة ، ولا تنفذ وصيته به إلا في هذه الحالة . ومثل ذلك ما إذا كان في الميت تهرية بحريق أو لذع بحيث لا يضبطه إلا التابوت ، أو كانت امرأة لا محرم لها كما قاله المتولي لئلا يمسها الأجانب عند الدفن أو غيره . وألحق في الوسيط بذلك دفنه في أرض مسبعة بحيث لا يصونه من نبشها إلا التابوت . ( ويجوز ) بلا كراهة ( الدفن ليلا ) لأن عائشة وفاطمة والخلفاء الراشدين ما عدا عليا رضي الله تعالى عنهم دفنوا ليلا ، وقد فعله ( ص ) كما صححه الحاكم . ولا يخفى أن الكلام في موتى المسلمين ، أما أهل الذمة فإنهم لا يمكنون من إخراج جنائزهم نهارا ، وعلى الامام منعهم من ذلك كما سيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الجزية . ( و ) كذا يجوز ( وقت كراهة الصلاة ) بلا كراهة بالاجماع ، لأن له سببا متقدما أو مقارنا ، وهو الموت . ( ما لم يتحره ) فإن تحراه كره كما في المجموع واقتضاه كلام الروضة ، وإن اقتضى المتن عدم الجواز ، وجرى عليه شيخنا في شرح منهجه . ويمكن حمله على عدم الجواز المستوي الطرفين ، وعلى الكراهة حمل خبر مسلم عن عقبة بن عامر : ثلاث ساعات نهانا رسول الله ( ص ) عن الصلاة فيهن ، وأن نقبر فيهن موتانا . وذكر وقت الاستواء ، والطلوع والغروب . وظاهر الخبر أنه لا يكره تحري الدفن في الوقتين المتعلقين بالفعل ، وهما بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر . وجرى على ذلك الأسنوي وصوب في الخادم كراهة تحري الأوقات كلها ، وهو الظاهر . ( وغيرهما ) أي الليل ، ووقت الكراهة ( أفضل ) أي فاضل بشرط أن يخاف من تأخيره إلى غيرهما تغيرا لسهولة الاجتماع والوضع في القبر ، قال الأسنوي : وما ذكر من تفضيل غير أوقات الكراهة عليها لم يتعرض له في الروضة ولا في المجموع ولا تتجه صحته ، فإن المبادرة مستحبة اه . ويرد ذلك الشرط المتقدم . ولو عبر بقوله والسنة وغيرهما لاستغنى عن التأويل المذكور . فرع : يحصل من الاجر بالصلاة على الميت المسبوقة بالحضور معه قيراط ، ويحصل منه والحضور معه إلى تمام الدفن لا للمواراة فقط قيراطان لخبر الصحيحين : من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط من شهدها حتى تدفن وفي رواية البخاري : حتى يفرغ من دفنها فله قيراطان . قيل : وما القيراطان ؟ قال : مثل الجبلين العظيمين . ولمسلم : أصغرهما مثل أحد ، وعلى ذلك تحمل رواية مسلم : حتى يوضع في اللحد . وهل ذلك بقيراط الصلاة أو بدونه فيكون ثلاثة قراريط ؟ فيه احتمال ، لكن في صحيح البخاري في كتب الايمان التصريح بالأول ، ويشهد للثاني ما رواه الطبراني مرفوعا : من شيع جنازة حتى يقضى دفنها كتب له ثلاثة قراريط . وبما تقرر علم أنه لو صلي عليه ثم حضر وحده ومكث حين دفن لم يحصل له القيراط الثاني كما صرح به في المجموع وغيره لكن له أجر في الجملة ، ولو تعددت الجنائز واتحدت الصلاة عليها دفعة واحدة ، هل يتعدد القيراط بتعددها أو لا نظرا لاتحاد الصلاة ؟ قال الأذرعي : الظاهر التعدد ،