بالموت . فإن قصد الاعلام بموته لمن لم يعلم لم يكره ، وإن قصد به الاخبار لكثرة المصلين عليه فهو مستحب . ( ولا ينظر الغاسل من بدنه إلا قدر الحاجة من غير العورة ) كأن يريد بنظره معرفة المغسول من غيره ، وهل استوعبه بالغسل أو لا . فإن نظر زائدا على الحاجة كره كما في زيادة الروضة وجزم به في الكفاية ، وإن صحح في المجموع أنه خلاف الأولى ، لأنه قد يكون فيه شئ كان يكره اطلاع الناس عليه وربما رأى سوادا ونحوه فيظنه عذابا فيسئ به ظنا . أما العورة فنظرها حرام ، ويسن أن لا يمسه بيده فإن مسه أو نظر إليه بغير شهوة لم يحرم ، وقيل : يحرم النظر إلى شئ من بدنه لأنه صار عورة كبدن المرأة إلا لضرورة . وأما غير الغاسل من معين وغيره فيكره له النظر إلى غير العورة إلا لضرورة . ( ومن تعذر غسله ) لفقد الماء أو لغيره كأن احترق أو لدغ ، ولو غسل لتهرى أو خيف على الغاسل ولم يمكنه التحفظ ، ( يمم ) وجوبا قياسا على غسل الجنابة ، ولا يغسل محافظة على جثته لتدفن بحالها . ولو وجد الماء فيما إذ يمم لفقده قبل دفنه وجب غسله ، وتقدم الكلام على ذلك وعلى إعادة الصلاة في باب التيمم . ولو كان به قروح وخيف من غسله تسارع البلى إليه بعد دفنه غسل لأن مصير جميعه إلى البلى . ( ويغسل الجنب والحائض ) والنفساء ( والميت بلا كراهة ) لأنهما طاهران كغيرهما ، ( وإذا ماتا غسلا غسلا واحدا فقط ) لأن الغسل الذي كان عليهما انقطع بالموت كما تقدم في الشهيد الجنب وانفراد الحسن البصري بإيجاب غسلين . ( وليكن الغاسل أمينا ) ندبا ليوثق به في تكميل الغسل وغيره من المشروع ، وكذا معين الغاسل . فإن غسله فاسق أو كافر وقع الموقع ، ويجب أن يكون عالما بما لا بد منه في الغسل . ( فإن رأى ) الغاسل من بدن الميت ( خيرا ) كاستنارة وجهه وطيب رائحته ( ذكره ) ندبا ليكون أدعى لكثرة المصلين عليه والدعاء له ، ( أو غيره ) كأن رأى سوادا أو تغير رائحة أو انقلاب صورة ، ( حرم ذكره ) لأنه غيبة لمن لا يتأتى الاستحلال منه ، وفي صحيح مسلم : من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ، وفي سنن أبي داود والترمذي : اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم ، وفي المستدرك : من غسل ميتا وكتم عليه غفر الله له أربعين مرة . ( إلا لمصلحة ) كأن كان مبتدعا مظهرا لبدعته فيذكر ذلك لينزجر الناس عنها . وهذا الاستثناء ذكره في البيان بحثا ، ونقله عنه في المجموع وقال إنه متعين . وينبغي اطراده في المتجاهر بالفسق والظالم ، والوجه كما قال الأذرعي : أن يقال إذا رأى من مبتدع أمارة خير كتمها ، ولا يبعد إيجابه لئلا يجمل الناس على الاغراء بها . ويسن كتمانه من المتجاهر بالفسق والظالم لئلا يغتر بذكرها أمثاله ، ولا معنى للتفصيل في القسم الثاني دون الأول . قال الغزي : وينبغي أن يكون قول الكتاب إلا لمصلحة عائدا للامرين اه ، ولا بأس . غريبة : حكي أن امرأة بالمدينة في زمن مالك غسلت امرأة فالتصقت يدها على فرجها ، فتحير الناس في أمرها هل تقطع يد الغاسلة أو فرج الميتة ؟ فاستفتي مالك في ذلك فقال : سلوها ما قالت لما وضعت يدها عليها ؟ فسألوها فقالت : قلت طالما عصى هذا الفرج ربه فقال مالك : هذا قذف اجلدوها ثمانين تتخلص يدها فجلدوها ذلك فخلصت يدها . فمن ثم قيل لا يفتى ومالك بالمدينة . ( ولو تنازع أخوان ) مثلا ( أو زوجان ) في غسل ميت لهما ، ولا مرجح لأحدهما . ( أقرع ) بينهما حتما ، فمن خرجت قرعته غسله ، لأن تقديم أحدهما ترجيح بلا مرجح . ( والكافر أحق بقريبه الكافر ) في تجهيزه من قريبه المسلم لأنه وليه ، ولقوله تعالى : * ( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ) * ، فإن لم يكن تولاه المسلم . ( ويكره ) للمرأة ( الكفن المعصفر ) والمزعفر لما في ذلك من الزينة . وأما الرجل فقد مر في باب اللباس أنه يحرم على الرجل المزعفر دون المعصفر على خلاف في ذلك . وحينئذ فإطلاق كلام المصنف كراهة المعصفر للرجال والنساء صحيح ، وأما المزعفر فإنه