غيري حتى أسقيك نسأل الله سبحانه وتعالى من فضله الثبات لنا وللمسلمين : عند الممات . ويكره للحائض أن تحضر المحتضر وهو في النزع لما ورد أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ولا صورة ولا جنب ، ويؤخذ من ذلك أن الكلب والصورة وغير الحائض ممن وجب عليه الغسل مثلها . وعبر في الرونق واللباب ب لا يجوز بدل يكره ، أي لا يجوز جوازا مستوي الطرفين فيكره . ( وليحسن ) المريض ندبا ( ظنه بربه سبحانه وتعالى ) أي يظن أن الله سبحانه وتعالى يرحمه ويغفر له ويرجو ذلك ، لما في الصحيحين : أن الله عز وجل قال : أنا عند ظن عبدي بي وفي خبر مسلم : لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله سبحانه وتعالى . ويسن لمن عنده تحسين ظنه وتطميعه في رحمة الله تعالى ، بل قد يجب كما بحثه الأذرعي إذا رأى منه أمارات اليأس والقنوط أخذا من قاعدة النصيحة الواجبة ، وهذا الحال من أهمها . قال في المجموع : ويستحب له تعهد نفسه بتقليم الظفر وأخذ شعر الشارب والإبط والعانة ، ويستحب له أيضا الاستياك والاغتسال والطيب ولبس الثياب الطاهرة . وأما الصحيح فقيل : الأولى له أن يغلب خوفه على رجائه ، والأظهر في المجموع استواؤهما إذ الغالب في القرآن ذكر الترغيب والترهيب معا ، كقوله تعالى : * ( إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ) * . والأولى ما ذكره في الاحياء من أنه إن غلب عليه داء القنوط فالرجاء أولى ، أو داء أمن المكر فالخوف أولى . ( فإذا مات غمض ) ندبا لئلا يقبح منظره ، وروى مسلم : أنه ( ص ) دخل على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمه ، ثم قال : إن الروح إذا قبض - أي خرج - تبعه البصر وشق بصره بفتح الشين وضم الراء شخص ، قيل إن العين أول شئ يخرج منه الروح ، وأول شئ يشرع إليه الفساد . قال في المجموع : ويسن أن يقول عند إغماضه : بسم الله وعلى ملة رسول الله ( ص ) . ( وشد لحياه بعصابة ) عريضة تعمهما ويربطها فوق رأسه لئلا يبقى فمه مفتوحا فيدخل فيه الهوام . ( ولينت مفاصله ) بأن يرد ساعده إلى عضده ثم ساعده ثم يمده ويرد ساقه إلى فخذيه وفخذيه إلى بطنه ويردهما ويلين أيضا أصابعه ، وذلك ليسهل غسله فإن في البدن بعد مفارقة الروح بقية حرارة فإذا لينت المفاصل حينئذ لانت ، وإلا فلا يمكن تليينها بعد ذلك . ( وستر جميع بدنه ) إن لم يكن محرما ، ( بثوب ) فقط لخبر الصحيحين : أنه ( ص ) سجي حين مات بثوب حبرة وهو بالإضافة وكسر الحاء المهملة وفتح الباء الموحدة : نوع من ثياب القطن تنسج باليمن ، وسجي : غطى . ( خفيف ) لئلا يحميه فيسرع إليه الفساد ويكون ذلك بعد نزع ثيابه ، ويجعل طرفاه تحت رأسه ورجليه لئلا ينكشف . أما المحرم فيستر منه ما يجب تكفينه منه . ( ووضع على بطنه شئ ثقيل ) كسيف ومرآة ونحوهما من أنواع الحديد ، ثم طين رطب ثم ما تيسر لئلا ينفتح فيقبح منظره ، وقدر الشيخ أبو حامد ذلك بزنة وعشرين درهما . قال الأذرعي : وكأنه أقل ما يوضع وإلا فالسيف يزيد على ذلك . والظاهر أن السيف ونحوه يوضع بطول الميت ، وأن الموضوع يكون فوق الثوب كما جرت به العادة . ويندب أن يصان المصحف عنه احتراما له ، ويلحق به كتب الحديث والعلم المحترم كما بحثه الأسنوي . ( ووضع على سرير ونحوه ) مما هو مرتفع : كدكة لئلا تصيبه نداوة الأرض فيتغير بنداوتها ، فإن كانت صلبة ، قال في الكفاية : جاز وضعه عليها ، يعني من غير ارتكاب خلاف الأولى ، ولا يوضع على فراش لئلا يحمي فيتغير . ( ونزعت ) عنه ( ثيابه ) المخيطة التي مات فيها بحيث لا يرى شئ من بدنه لئلا يسرع فساده . قال الأذرعي : وهذا فيمن يغسل لا في شهيد المعركة ، وينبغي أن يبقى عليه القميص الذي يغسل فيه إذا كان طاهرا ، إذ لا معنى لنزعه ، ثم إعادته . نعم يشمر إلى حقوه لئلا يتنجس بما قد يخرج منه كما أشار إليه بعضهم اه . ولو قدم هذا الأدب على الذي قبله كان أولى . ( ووجه للقبلة ) إن أمكن ( كمحتضر ) أي كتوجهه وتقدم . قال الأذرعي : وقد يفهم من هذا أنه يكون على جنبه ، والظاهر أن المراد هنا إلقاؤه على قفاه ووجهه وأخمصاه إلى القبلة ، ويومئ إليه قولهم : ويوضع على بطنه شئ ثقيل . ( ويتولى ذلك ) كله ( أرفق محارمه ) أي الميت لوفور