باختياره ، فالوجه امتناع الجمع هنا . والمعتمد الفرق بين المسألتين ، وهو أنه لا يشترط نية الجمع في أول الأولى بخلاف عذر المطر ، فإذن لا فرق في المسافر بين أن يكون السفر باختياره أو لا كما قاله شيخي . ( و ) ثالثها : ( الموالاة بأن لا يطول بينهما فصل ) لأن الجمع يجعلهما كصلاة فوجب الولاء كركعات الصلاة ، ولأنها تابعة والتابع لا يفصل عن متبوعه ولهذا تركت الرواتب بينهما ، ولأنه المأثور . ( فإن طال ولو بعذر ) كسهو وإغماء ( وجب تأخير الثانية إلى وقتها ) لفوات شرط الجمع ، ( ولا يضر فصل يسير ) لما في الصحيحين عن أسامة : أن النبي ( ص ) لما جمع بنمرة أقام الصلاة بينهما . ( ويعرف طوله ) وقصره ( بالعرف ) لأنه لا ضابط له في الشرع ولا في اللغة ، وما كان كذلك يرجع فيه إلى العرف كالحرز والقبض . وقيل : إن اليسير يقدر بالإقامة ، كما في الحديث . ( وللمتيمم الجمع على الصحيح ) كالمتوضئ ، وقال أبو إسحاق : لا يجوز لأنه يحتاج إلى الطلب . وأشار المصنف إلى رد ذلك بقوله : ( ولا يضر تخلل طلب خفيف ) لأن ذلك من مصلحة الصلاة فأشبه الإقامة ، بل أولى لأنه شرط دونها ، بل ولو لم يكن الفصل اليسير لمصلحة الصلاة لم يضر ، والثاني : يضر لطول الفصل به بينهما ، ولا يضر الفصل بالوضوء قطعا . ولو صلى بينهما ركعتين بنية راتبة بطل الجمع ، قاله في المجموع : وغير الراتبة كالراتبة ، ( ولو جمع ) بين صلاتين ( ثم علم ) بعد الفراغ منهما أو في أثناء الثانية وطال الفصل بين سلام الأولى وعلمه ، ( ترك ركن من الأولى بطلتا ) الأولى لترك الركن وتعذر التدارك بطول الفصل ، والثانية لفقد الترتيب . وأعيدت هذه المسألة توطئة لما بعدها . ( ويعيدهما جامعا ) إن شاء عند اتساع الوقت لأنه لم يصل . أما إذا علم ذلك في أثناء الثانية ولم يطل الفصل فإن إحرامه بالثانية لم يصح ، ويبني على الأولى . وقوله : ثم علم يفهم أن الشك لا يؤثر ، وهو كذلك إذ لا أثر له بعد الفراغ من الصلاة . ( أو ) علم تركه ( من الثانية فإن لم يطل ) أي الفصل ( تدارك ) ومضت الصلاتان على الصحة ، ( وإلا ) أي وإن طال ( فباطلة ) أي الثانية لتركه الموالاة بتخلل الباطلة فيلزمه إعادتها في وقتها . ( ولو جهل ) بأن لم يدر كون المتروك من الأولى أو من الثانية ، ( أعادهما لوقتيهما ) لاحتمال أنه من الأولى ، وامتنع الجمع تقديما لاحتمال أنه من الثانية ، فيطول الفصل بها وبالأولى المعادة بعدها ، أما جمعهما تأخيرا فجائز إذ لا مانع منه . ولو شك بين الصلاتين في نية الجمع ثم تذكر أنه نواه ، فإن كان عن قرب جاز له الجمع وإلا امتنع كما قاله الزركشي . ( وإذا أخر ) الصلاة ( الأولى ) إلى وقت الثانية ، ( لم يجب الترتيب ) بينهما ( و ) لا ( الموالاة ، و ) لا ( نية الجمع ) في الأولى ( على الصحيح ) في المسائل الثلاث . أما عدم الترتيب فلان الوقت للثانية فلا تجعل تابعة . وأما عدم الموالاة فلان الأولى بخروج وقتها الأصلي قد أشبهت الفائتة بدليل عدم الاذان لها وإن لم تكن فائتة ، وينبني على عدم وجوب الموالاة عدم وجوب نية الجمع ، والثاني : يجب ذلك كما في جمع التقديم . وفرق الأول بما تقدم من التعليل ، وعلى الأول يستحب ذلك كما صرح به في المجموع . ووقع في المحرر الجزم بوجوب نية الجمع ، وتبعه في الحاوي الصغير ، قال في الدقائق : ولم يقل به أحد ، بل قال في المسألة وجهان : الصحيح أن الثلاث سنة ، والثاني أنها كلها واجبة . ( و ) إنما ( يجب ) للتأخير أمران فقط ، أحدهما : ( كون التأخير ) إلى وقت الثانية ( بنية الجمع ) قبل خروج وقت الأولى بزمن لو ابتدئت فيه كانت أداء ، نقله في الروضة كأصلها عن الأصحاب . وفي المجموع وغيره عنهم : وتشترط هذه النية في وقت الأولى بحيث يبقى من وقتها ما يسعها أو أكثر ، فإن ضاق وقتها بحيث لا يسعها عصى وصارت قضاء ، وهو مبين كما قال الشارح