على التمييز المحول عن نائب الفاعل ، أي لا تسن فيه الجماعة لمواظبته ( ص ) على فعله فرادى لا على الحال ، وإلا لكان معناه نفي السنة عنه حال كونه في جماعة وليس مرادا ، وبهذا التقدير يندفع ما قيل إنه لو قال : يسن فرادى كان أحسن ، فإن السنة أن لا يكون في جماعة وإن جاز بالجماعة بلا كراهة لاقتداء ابن عباس بالنبي ( ص ) في بيت خالته ميمونة في التهجد ، متفق عليه . ( فمنه الرواتب ) وهي على المشهور التي ( مع الفرائض ) وقيل : هي ما له وقت . والحكمة فيها تكميل ما نقص من الفرائض بنقص نحو خشوع كترك تدبر قراءة . ( وهي ركعتان قبل الصبح ، وركعتان قبل الظهر ، وكذا بعدها وبعد المغرب والعشاء ) لخبر الصحيحين عن ابن عمر قال : صليت مع النبي ( ص ) ركعتين قبل الظهر ، وركعتين بعدها ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين بعد العشاء ، وركعتين بعد الجمعة . وفي بعض طرقه عن ابن عمر : وحدثتني أختي حفصة أن النبي ( ص ) كان يصلي ركعتين خفيفتين بعدما يطلع الفجر . ( وقيل : لا راتب للعشاء ) لأن الركعتين بعدها يجوز أن يكونا من صلاة الليل . ( وقيل ) من الرواتب ( أربع قبل الظهر ) للاتباع ، رواه مسلم . ( وقيل : وأربع بعدها ) لحديث : من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار ، رواه الترمذي وصححه . ( وقيل : وأربع قبل العصر ) لخبر ابن عمر : أنه ( ص ) قال : رحم الله امرءا صلى قبل العصر أربعا رواه ابنا خزيمة وحبان وصححاه . ( والجميع سنة ) راتبا قطعا لورود ذلك في الأحاديث الصحيحة . ولا فرق في ذلك بين المجمع بالمزدلفة وغيره ، وما نقل عن النص من أن السنة للجامع بمزدلفة ترك التنفل له بعد المغرب والعشاء محمول كما قالاه على النافلة المطلقة . ( وإنما الخلاف في الراتب المؤكد ) من حيث التأكيد . فعلى الوجه الأخير الجميع مؤكد ، وعلى الراجح المؤكد العشر الأول فقط لمواظبته ( ص ) عليها دون غيرها . ( و ) قيل : من الرواتب غير المؤكدة ( ركعتان خفيفتان قبل المغرب ) لما سيأتي . ( قلت : هما سنة على الصحيح ، ففي صحيح البخاري الامر بهما ) ولفظه : صلوا قبل صلاة المغرب ، قال في الثالثة : لمن شاء كراهة أن يتخذها الناس سنة ، أي طريقة لازمة . وليس في روايته التصريح بالامر بركعتين . نعم في سنن أبي داود : صلوا قبل المغرب ركعتين . وفي الصحيحين من حديث أنس أن كبار الصحابة كانوا يبتدرون السواري لهما - أي للركعتين - إذا أذن المغرب وفي رواية مسلم : حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب الصلاة قد صليت . والثاني : أنهما ليستا بسنة لقول ابن عمر : ما رأيت أحدا على عهد رسول الله ( ص ) يصليهما . وأجاب عنه البيهقي وغيره بأنه ناف وغيره مثبت خصوصا من أثبت أكثر عددا ممن نفي . قال بعضهم : وفي الجواب نظر لأنه نفي محصور . وفي النظر نظر لأنه ادعى عدم الرؤية ولا يلزم من عدم رؤيته أن لا يكون غيره رأى . والمفهوم من عبارة المصنف أنهما عند من استحبهما ليستا من الرواتب لأنه أخرهما عن تمام الكلام في الرواتب . قال الولي العراقي : وقد يقال عطفهما على أمثلة الرواتب يفهم أنهما منهما . قال في المجموع واستحبابهما قبل شروع المؤذن في الإقامة ، فإن شرع فيها كره الشروع في غير المكتوبة . والمتجه كما قال الأسنوي تقديم الإجابة عليهما ، ولو أدى الاشتغال بهما إلى عدم إدراك فضيلة التحرم فالقياس كما قال الأسنوي تأخيرهما إلى بعد المغرب . وفي المجموع استحباب ركعتين قبل العشاء لخبر : بين كل أذانين صلاة . والمراد الأذان والإقامة ، ونقله الماوردي عن البويطي . ( وبعد الجمعة أربع ) ركعتان مؤكدتان وركعتان غير مؤكدتين كما في الظهر ، لخبر مسلم : إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا . ( وقبلها ما قبل الظهر ) أي ركعتان مؤكدتان وركعتان غير مؤكدتين ، ( والله أعلم ) لخبر الترمذي : أن ابن مسعود كان يصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا ، والظاهر أنه توقيف .