( ص ) خمس عشرة سجدة في القرآن ، منها ثلاث في المفصل وفي الحج سجدتان رواه أبو داود والحاكم بإسناد حسن . والسجدة الباقية منه سجدة ص ، وسيأتي حكمها . وأسقط القديم سجدات المفصل لخبر ابن عباس رضي الله عنهما : ولم يسجد النبي ( ص ) في شئ من المفصل منذ تحول للمدينة ، رواه أبو داود . وأجيب من جهة الجديد بأن هذا الحديث ضعيف وناف ، وغيره صحيح ومثبت ، وأيضا الترك إنما ينافي الوجوب دون الندب ، وفي مسلم عن أبي هريرة : سجدنا مع النبي ( ص ) في إذا السماء انشقت واقرأ باسم ربك ، وكان إسلام أبي هريرة سنة سبع من الهجرة . ومحال هذه السجدات معروفة ، لكن اختلف في أربع منها : إحداها سجدة النحل عند قوله تعالى : * ( ويفعلون ما يؤمرون ) * ، وقال الماوردي : إنها عند قوله تعالى : * ( وهم لا يستكبرون ) * ونقله الروياني عن أهل المدينة . وثانيها : سجدة النمل عند قوله تعالى : * ( لا إله إلا هو رب العرش العظيم ) * . ونقل العبدري في الكفاية أن مذهبنا أنها عند قوله تعالى : * ( ويعلم ما تخفون وما تعلنون ) * . وفي المجموع أن هذا باطل مردود . وقال الأذرعي : وليس كما قال بل هو قول أكثر أهل المدينة وابن عمر والحسن البصري وغيرهم ، وبه جزم الماوردي . والمسألة محتملة ولا توقيف فيما نعلمه اه . وثالثها سجدة حم السجدة عند قوله تعالى : * ( وهم لا يسأمون ) * . وقيل : عند قوله تعالى : * ( إن كنتم إياه تعبدون ) * . ورابعها سجدة إذا السماء انشقت عند قوله تعالى : * ( وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون ) * . وقيل : إنها في آخر السورة ، ذكره بعض شراح البخاري . وصرح المصنف كأصله بسجدتي الحج لخلاف أبي حنيفة في الثانية ، ( لا ) سجدة ( ص ) وهي عند قوله تعالى : * ( وخر راكعا وأناب ) * فليست من سجدات التلاوة ، لقول ابن عباس : ص ليست من عزائم السجود رواه البخاري : أي متأكداتها ، وأثبتها ابن سريج فجعلها خمس عشر لحديث عمرو المتقدم . ( بل هي ) أي سجدة ص ( سجدة شكر ) لتوبة الله تعالى على داود عليه الصلاة والسلام ، أي لقبولها ، والتلاوة سبب لتذكر ذلك ، لخبر أبي سعيد الخدري : خطبنا النبي ( ص ) يوما فقرأ ص ، فلما مر بالسجود نشرنا - أي تهيأنا - للسجود ، فلما رآنا قال : إنما هي توبة نبي ، ولكن قد استعددتم للسجود فنزل وسجد . رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري . ( تستحب في غير الصلاة ) عند تلاوة آيتها للاتباع كما مر ، ( وتحرم فيها ) وتبطلها ( على الأصح ) لمن علم ذلك وتعمده ، أما الجاهل أو الناسي فلا تبطل صلاته لعذره ، لكن يسجد للسهو . ولو سجدها إمامه وكان يعتقدها كحنفي جاز له مفارقته وانتظاره قائما كما ينتظره قاعدا إذا قام إمامه لركعة خامسة سهوا ولا يسجد للسهو إذا انتظره ، قال في الروضة : لأن المأموم لا سجود لسهوه . فإن قيل : هذا التعليل لا يلاقي التصوير فإن المأموم لم يسه . أجيب بأن مراده لا سجود عليه في فعل يقتضي سجود السهو ، لأن الإمام يتحمله عنه فلا يسجد لانتظاره ، وإن سجد لسجدة إمامه . واستشكل انتظاره مع أن العبرة بعقيدة المأموم ، وعنده أن صلاة الإمام قد بطلت ، وأجبت عن ذلك في شرح التنبيه . والثاني : لا تحرم فيها ولا تبطلها لتعلقها بالتلاوة بخلاف غيرها من سجود الشكر . فائدة : المشهور في ص وما أشبهها من الحروف التي في أوائل السور أنها أسماء لها ، وتقرأ ص بالاسكان وبالفتح وبالكسر بلا تنوين وبه مع التنوين وإذا كتبت في المصحف كتبت حرفا واحدا ، وأما في غيره فمنهم من يكتبها كذلك ، ومنهم من يكتبها ( وتسن ) سجدة التلاوة ( للقارئ ) حيث تشرع له باعتبار اسمها ثلاثة أحرف القراءة ، ( والمستمع ) أي قاصد السماع حيث ندب له الاستماع ، ولو كان القارئ صبيا مميزا أو امرأة والمستمع رجلا كما في المجموع أو محدثا أو كافرا لا لقراءة جنب وسكران لأنها غير مشروعة لهما ، قال الأسنوي : ولا لنائم وساه لعدم قصدهما التلاوة . قال الزركشي : وينبغي السجود لقراءة ملك وجني لا لقراءة ذرة ونحوها لعدم القصد ، قال تبعا للسبكي : ولو قرأ أو سمع أول دخوله المسجد آية سجدة فالأقرب أنه يسجد ، لكن هل يكون ذلك عذرا في عدم فوات التحية أو لا ؟ فيه نظر اه . والأقرب