من الماء على صورة حيوان ، وما ينعقد ملحا لأن اسم الماء يتناوله في الحال وإن تغير بعد ، أو كان رشح بخار الماء لأنه ماء حقيقة . وينقص بقدره وهو المعتمد كما صححه المصنف في مجموعه وغيره ، وإن قال الرافعي : نازع فيه عامة الأصحاب وقالوا يسمونه بخارا ورشحا لا ماء على الاطلاق ، وخرج بذلك الخل ونحوه وما لا يذكر إلا مقيدا كما مر ، وتراب التيمم وحجر الاستنجاء وأدوية الدباغ والشمس والنار والريح وغيرها حتى التراب في غسلات الكلب ، فإن المزيل هو الماء بشرط امتزاجه بالتراب في غسلة منها كما سيأتي في بابه . وإنما تعين الماء في رفع الحدث لقوله تعالى : * ( فلم تجدوا ماء فتيمموا ) * والامر للوجوب ، فلو رفع غير الماء لما وجب التيمم عند فقده . ونقل ابن المنذر وغيره الاجماع على اشتراطه في الحدث وفي إزالة النجس ، لقوله ( ص ) في خبر الصحيحين حين بال الاعرابي في المسجد : صبوا عليه ذنوبا من ماء والذنوب بفتح الذال المعجمة : الدلو الممتلئة ماء . والامر للوجوب كما مر ، فلو كفى غيره لما وجب غسل البول به . ولا يقاس به غيره ، لأن الطهر به عند الإمام تعبد وعند غيره لما فيه من الرقة واللطافة التي لا توجد في غيره ، وحمل الماء في الآية والحديث على المطلق لتبادر الأذهان إليه . فائدة : اعترض بعضهم على الشافعي في قوله : كل ماء من بحر عذب أو مالح فالتطهير به جائز بأنه لحن ، وإنما يصح ماء ملح ، وهو مخطئ في ذلك ، قال الشاعر : فلو تفلت في البحر والبحر مالح لأصبح ماء البحر من ريقها عذبا بل فيه أربعة لغات : ملح ومالح ومليح وملاح ، ولكن فهمه السقيم أداه إلى ذلك كما قال الشاعر : وكم من عائب قولا صحيحا وآفته من الفهم السقيم ولكن تأخذ الآذان منه على قدر القريحة والفهوم وعدل المصنف عن قول المحرر لا يجوز ليشترط ، قال في الدقائق : لأنه لا يلزم من عدم الجواز الاشتراط ، لكنه قال في مجموعه بأن يجوز يستعمل تارة بمعنى يصح ، وتارة بمعنى يحل ، وتارة يصلح للامرين ، وهو هنا يصلح لهما اه ، أي فيكون هو المراد ، فنفي الجواز يستلزم نفي الصحة والحل معا بناء على الأصح من جواز استعمال المشترك في معنييه كما وجه به المصنف عبارة المهذب في شرحه ، أي فهو أبلغ من التعبير ب يشترط لدلالته عليهما بالمنطوق ، وعلى هذا فالتعبير ب لا يجوز أولى كما قيل . وأجيب بأن لفظة يشترط تقتضي توقف الرفع على الماء ، ولفظة لا يجوز مترددة بين تلك المعاني ولا قرينة ، فالتعبير بيشترط أولى . ورد بمنع التردد لأنه إن حمل المشترك على جميع معانيه عموما كما قاله الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه فظاهر وإلا حمل على جميعها هنا بقرينة السياق والتبويب . وأورد على التعريف المتغير كثيرا بما لا يؤثر فيه كطين وطحلب وبما في مقره وممره ، فإنه مطلق مع أنه لم يعبر عما ذكر . وأجيب بمنع بأنه مطلق ، وإنما أعطي حكمه في جواز التطهر به للضرورة فهو مستثنى من غير المطلق . على أن الرافعي قال : أهل اللسان والعرف لا يمتنعون من إيقاع اسم الماء المطلق عليه فعليه لا إيراد ، ولا يرد الماء القليل الذي وقعت فيه نجاسة ولم تغيره ، ولا المستعمل لأنه غير مطلق . فائدة : الماء ممدود على الأفصح ، وأصله موه تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا ثم أبدلت الهاء همزة . ومن عجيب لطف الله أنه أكثر منه ولم يحوج فيه إلى كثير معالجة لعموم الحاجة إليه . ( فالمتغير ) بشئ ( مستغنى ) بفتح النون وكسرها ( عنه ) طاهر مخالط ، ( كزعفران ) وماء شجر ومنى وملح جبلي ، ( تغيرا يمنع ) لكثرته ( إطلاق اسم الماء ) عليه ، ( غير طهور ) سواء أكان قليلا أم كثيرا لأنه لا يسمى ماء ، ولهذا لو حلف لا يشرب ماء فشرب ذلك أو وكل في زاوية أو اشتراه وكيله لم يحنث ولم يقع الشراء له ، وسواء أكان التغير حسيا أم تقديريا ، حتى لو وقع في الماء مائع يوافقه في الصفات كماء الورد المنقطع الرائحة فلم يتغير ، ولو قدرناه بمخالف وسط كلون العصير وطعم الرمان وريح اللاذن لغير ضر بأن تعرض عليه جميع هذه الصفات لا المناسب للواقع فيه فقط خلافا لبعضهم . ولا يقدر بالأشد كلون الحبر وطعم الخل وريح المسك بخلاف الخبث لغلظه ، فلو لم يؤثر فيه الخليط حسا ولا تقديرا استعمله كله ، وكذا لو استهلكت النجاسة المائعة في ماء كثير . وإذا لم يكفه