وتجديد الوضوء ، والغسلة الثانية والثالثة في الحدث والنجس ومسح الاذن والمضمضة ونحوها من نوافل الطهارة ، وطهارة المستحاضة وسلس البول اه . قال شيخنا : وبما تقرر اندفع الاعتراض عليه بأن الطهارة ليست من قسم الافعال والرفع من قسمها فلا تعرف به ، وبأن ما لا يرفع حدثا ولا نجسا ليس في معنى ما يرفعهما ، وبأن التعريف لا يشمل الطهارة بمعنى الزوال اه . ووجه اندفاع هذا كما قال القاياتي أن التعريف باعتبار وضع لا يعترض عليه بعدم تناوله أفراد وضع آخر . وقدم الأصحاب العبادات على المعاملات اهتماما بالأمور الدينية ، والمعاملات على النكاح وما يتعلق به لشدة الاحتياج إليها ، والمناكحة على الجنايات لأنها دونها في الحاجة ، وأخروا الجنايات لقلة وقوعها بالنسبة لما قبلها . والطهارة في الترجمة شاملة للوضوء والغسل وإزالة النجاسة والتيمم الآتية مع ما يتعلق بها . وبدأ ببيان الماء الذي هو الأصل في آلتها مفتتحا بآية دالة عليه ، فقال : ( قال الله تعالى : ( وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) ) أي مطهرا ، ويعبر عنه بالمطلق . وافتتح بهذه الآية تبركا وتيمنا بإمامه الشافعي رضي الله تعالى عنه ، إذ من عادته إذا كان في الباب آية تلاها ، أو خبر رواه ، أو أثر ذكره ، ثم رتب عليه مسائل الباب . وتبعه في المحرر ، وحذفه المصنف في باقي الأبواب اختصارا . وإنما كان الماء أصلا في آلتها ، لأن الطهارة لا بد لها من آلة ، وتلك الآلة منها أصل وهو الماء ومنها بدل وهو غيره كالتراب وأحجار الاستنجاء . فإن قيل : الدليل يكون متأخرا عن المدلول فما باله عكس ؟ أجيب بأنه لم يسقه استدلالا بل تبركا وتيمنا كما مر ، وبأن هذا الدليل من القواعد الكلية المنطبقة على غالب مسائل الباب ، والدليل إذا كان بهذه الصفة كان تقديمه أولى لينطبق على جزئياته . فإن قيل : لم عدل المصنف عن قوله تعالى : * ( وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ) * مع أنه أصرح في الدلالة كما قيل ؟ أجيب بأن ما ذكره يفيد أن الطاهر غير الطهور ، لأن قوله تعالى * ( وأنزلنا من السماء ماء ) * يدل على كونه طاهرا ، لأن الآية سيقت في معرض الامتنان ، وهو تعالى لا يمن بنجس ، وحينئذ يكون الطاهر غير الطهور وإلا لزم التأكيد ، والتأسيس أولى ، وهل المراد بالسماء في الآية الجرم المعهود أو السحاب ؟ قولان حكاهما المصنف في دقائق الروضة ، ولا مانع أن ينزل من كل منهما . ( يشترط لرفع الحدث ) وهو في اللغة : الشئ الحادث ، وفي الشرع يطلق على أمر اعتباري يقوم بالأعضاء يمنع من صحة الصلاة حيث لا مرخص ، وعلى الأسباب التي ينتهي بها الطهر ، وعلى المنع المترتب على ذلك . والمراد هنا الأول لأنه الذي لا يرفعه إلا الماء ، بخلاف المنع لأنه صفة الأمر الاعتباري فهو غيره ، فإن المنع هو الحرمة . وهي ترتفع ارتفاعا مقيدا بنحو التيمم بخلاف الأول . ولا فرق في الحدث بين الأصغر وهو ما نقض الوضوء ، والمتوسط وهو ما أوجب الغسل من جماع أو إنزال ، والأكبر وهو ما أوجبه حيض أو نفاس . ( و ) لإزالة ( النجس ) بفتح النون والجيم ، مصدر بمعنى الشئ النجس ، وهو في اللغة ما يستقذر ، وفي الشرع مستقذر يمنع من صحة الصلاة حيث لا مرخص ، ولا فرق فيه بين المخفف كبول صبي لم يطعم غير لبن ، والمتوسط كبول غيره من غير نحو الكلب ، والمغلظ كبول نحو الكلب ، ولسائر الطهارات واجبة كطهارة دائم الحدث ، ومندوبة كالوضوء المجدد غير الاستحالة والتيمم . ( ماء مطلق ) أي استعماله ، ولو عبر بالإزالة كما قدرته كان أولى ، لأن النجس لا يوصف بالرفع في الاصلاح ، لكن سهله تقدم الحدث عليه . وإنما اقتصر على رفع الحدث والنجس مع أن الماء المطلق يشترط لسائر الطهارات كما ذكرته ، لأن رفعهما هو الأصل في الطهارة ، فلذلك اقتصر عليه على عادة المشايخ من الاقتصار على الأصول . ( وهو ما يقع عليه اسم ماء بلا قيد ) بإضافة كماء ورد ، أو بصفة كماء دافق ، أو بلام عهد كقوله ( ص ) : نعم إذا رأت الماء يعني المني قال الولي العراقي : ولا يحتاج لتقييد القيد بكونه لازما لأن القيد الذي ليس بلازم كماء البئر مثلا يطلق اسم الماء عليه بدونه فلا حاجة للاحتراز عنه ، وإنما يحتاج إلى القيد في جانب الاثبات كقولنا غير المطلق هو المقيد بقيد لازم اه . ويدخل في التعريف ما نزل من السماء ، وهو ثلاثة : المطر ، وذوب الثلج والبرد ، وما نبع من الأرض هو أربعة : ماء العيون والآبار والأنهار والبحار ، وما نبع من بين أصابعه ( ص ) من الماء أو من ذاتها على خلاف فيه ، والأرجح الثاني وهو أفضل المياه مطلقا ، أو نبع من الزلال ، وهو شئ ينعقد