والفتح - لله رب العالمين ، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ، وإن كان الذي في الآية : * ( وأنا أول المسلمين ) * وذلك للاتباع ، رواه مسلم إلا كلمة مسلما ، فابن حبان ، وفي رواية : وأنا أول المسلمين . وكان ( ص ) يقول بما فيها ، لأنه أول مسلمي هذه الأمة . ويسرع به لمأموم ويقتصر عليه ليسمع قراءة إمامه ، ويزيد المنفرد وإمام علم رضا مقتد به : اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ، أنت ربي وأنا عبدك ، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، وأهدني لأحسن الأخلاق لا يهديني لأحسنها إلا أنت ، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت ، لبيك وسعديك ، والخير كله في يديك ، والشر ليس إليك أي لا يتقرب به إليك ، وقيل : لا يفرد بالإضافة إليك ، وقيل : لا يصعد ، وإنما يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح ، وقيل : ليس شرا بالنسبة إليك فإنك خلقته لحكمة بالغة ، وإنما هو شر بالنسبة إلى الخلق . أنا بك وإليك تباركت وتعاليت ، أستغفرك وأتوب إليك . وقد صح في دعاء الافتتاح أخبار أخر لا نطيل بذكرها . وظاهر كلام الأصحاب أنه لا فرق في التعبير بقوله : حنيفا ، ومن المشركين ومن المسلمين ، بين الرجل والمرأة ، وهي صحيح على إرادة الاشخاص ، أي : وأنا من الاشخاص المسلمين ، وأنا شخص حنيفا مسلما ، فتأتي بهما المرأة كذلك على أنهما حالان من الوجه . والمراد بالوجه : ذات الانسان وجملة بدنه ، ولا يصح كونهما حالين من تاء الضمير في وجهت لأنه كان يلزم التأنيث ، ويدل له ما رواه الحاكم في مستدركه أنه ( ص ) قال لفاطمة رضي الله تعالى عنها : قومي فاشهدي أضحيتك ، وقولي إن صلاتي ونسكي - إلى قوله - وأنا من المسلمين ، وقال تعالى : * ( وكانت من القانتين ) * : أي القوم المطيعين . ولو ترك دعاء الافتتاح عمدا أو سهوا حتى شرع في التعوذ لم يعد إليه في الأصح . ولا يسن لمن خاف فوت القراءة خلف الإمام أو فوت وقت الصلاة أو وقت الأداء بأن لم يبق من وقتها ، إلا ما يسع ركعة ، بل يأتي بالقراءة لأنها فرض ، فلا يشتغل عنه بالنفل ولا فيما إذا أدرك الإمام في غير القيام إلا فيما إذا أدرك الإمام في التشهد الأخير وسلم قبل أن يجلس ، أو في التشهد وقام قبل أن يجلس ، أو خرج من الصلاة بحدث أو غيره قبل أن يوافقه ، ولا في صلاة جنازة . ( ثم التعوذ ) قبل القراءة لقوله تعالى : * ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) * والرجيم : المطرود ، وقيل : المرجوم بالشهب ، ويحصل بكل ما اشتمل على التعوذ من الشيطان ، وأفضله : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، وقيل : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم . ويستثنى من استحباب التعوذ ما تقدم استثناؤه في دعاء الافتتاح إلا في صلاة الجنازة فإنه يسن التعوذ فيها . ( ويسرهما ) أي الافتتاح والتعوذ ندبا في الجهرية والسرية كسائر الأذكار المستحبة بحيث يسمع نفسه لو كان سميعا . وقيل : يستحب الجهر بالتعوذ في الجهرية تبعا للقراءة فأشبه التأمين . ( ويتعوذ في كل ركعة على المذهب ) لحصول الفصل بين القراءتين بالركوع وغيره ، * ( والأولى آكد ) * مما بعدها للاتفاق عليها ، ولان افتتاح القراءة في الصلاة إنما هو فيها . والطريق الثاني قولان : أحدهما هذا ، والثاني : يتعوذ في الأولى فقط ، لأن القراءة في الصلاة واحدة كما لا يعيده لو سجد للتلاوة ثم عاد للقراءة كما صرح به الرافعي ، وصرح به المصنف في مجموعه ، وعلى هذا لو تركه في الأولى عمدا أو سهوا أتى به في الثانية بخلاف دعاء الافتتاح . تنبيه : كلام المصنف يقتضي استحباب التعوذ لمن أتى بالذكر للعجز كما أنه يأتي بدعاء الافتتاح . وقال في المهمات : أن المتجه أنه لا يستحب ، وهو ظاهره ، لأن التعوذ لقراءة القرآن العظيم ، ولم توجد ، بخلاف دعاء الافتتاح . ( وتتعين الفاتحة ) أي قراءتها حفظا ، أو نظرا في مصحف أو تلقينا أو نحو ذلك . ( في كل ركعة ) في قيامها أو بدله للمنفرد وغيره سرية كانت الصلاة أو جهرية فرضا أو نفلا ، لقوله ( ص ) : لا صلاة لمن لا يقرأ بفاتحة الكتاب متفق عليه ، وخبر : لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب رواه ابنا خزيمة وحبان في صحيحيهما ، ولفعله ( ص ) كما في مسلم مع خبر البخاري : صلوا كما رأيتموني أصلي . وأما قوله تعالى : * ( فاقرءوا ما تيسر منه ) * فوارد في قيام الليل لا في قدر القراءة ، أو محمول مع خبر : ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن على الفاتحة أو على العاجز عنها ، جمعا بين الأدلة . وتتعين الفاتحة أيضا في القيام الثاني من صلاة الكسوفين ، ويتعوذ قبل قراءتها كما سيأتي إن شاء الله تعالى .