بعد دخوله بزوجته وهي حامل من زنا ، أو تزوج الرجل حاملا من زنا وطلقها بعد الدخول لأن حمل الزنا كالمعدوم . ووقع في المجموع أنه مثل لذلك بموت صبي عن زوجته وهي حامل من زنا ، واعترض عليه في ذلك لأن زوجة الميت إنما تعتد بالأشهر لا بالأقراء ، والثاني هو القديم : أنه ليس بحيض بل هو حدث دائم كسلس البول ، لأن الحمل يسد مخرج الحيض وقد جعل دليلا على براءة الرحم فدل على أن الحامل لا تحيض . وأجاب الأول بأنه إنما حكم الشارع ببراءة الرحم به لأنه الغالب . ( و ) الأظهر أن ( النقاء بين ) دماء ( أقل الحيض ) فأكثر ( حيض ) تبعا لها بشروط : وهي أن لا يجاوز ذلك خمسة عشر يوما ولم تنقص الدماء عن أقل الحيض ، وأن يكون النقاء محتوشا بين دمي حيض ، فإذا كانت ترى وقتا ما ووقتا نقاء واجتمعت هذه الشروط حكمنا على الكل بأنه حيض ، وهذا يسمى قول المحب . والثاني : أن النقاء طهر ، لأن الدم إذا دل على الحيض وجب أن يدل النقاء على الطهر ، وهذا يسمى قول اللفظ وقول التلفيق ، أما النقاء بعد آخر الدماء فطهر قطعا ، وإن نقصت الدماء عن أقل الحيض فهي دم فساد ، وإن زادت مع النقاء بينها على خمسة عشر يوما فهي دم استحاضة . ومحل الخلاف في الصلاة والصوم ونحوهما ، فلا يجعل النقاء طهرا في انقضاء العدة إجماعا وفيما إذا زاد النقاء على الفترات المعتادة بين دفعات الحيض ، أما الفترات فهي حيض قطعا . والفرق بين الفترة والنقاء كما قاله في زوائد الروضة أن الفترة هي الحالة التي ينقطع فيها جريان دم ويبقى أثر لو أدخلت قطنة في فرجها لخرجت ملوثة ، والنقاء أن تخرج نقية لا شئ عليها ، والدم بين التوأمين حيض كالخارج بعد عضو انفصل من الولد المجتن لخروجه قبل فراغ الرحم كدم الحامل ، بل أولى بكونه حيضا إذا إرخاء الدم بين الولادتين أقرب منه قبلهما لانفتاح فم الرحم بالولادة . تنبيه : قال ابن الفركاح : إن نسخة المصنف : والنقاء بين الدم حيض ثم أصلحه بعضهم بقوله : بين أقل الحيض ، لأن الراجح أنه إنما ينسحب إذا بلغ مجموع الدماء أقل الحيض اه . قال الولي العراقي : وهذه النسخة التي شرح عليها السبكي . وقال ابن النقيب : وقد رأيت نسخة المصنف التي بخطه وقد أصلحت كما قال بغير خطه . ثم لما فرغ من ذكر المستحاضة وأقسامها شرع في ذكر النفاس وقدره فقال : ( وأقل النفاس ) مجة كما عبر به في التنبيه ، أي دفعة ، وزمانها ( لحظة ) وفي الروضة وأصلها : لا حد لأقله ، أي لا يتقدر بل ما وجد منه وإن قل يكون نفاسا ، ولا يوجد أقل من مجة ، فالمراد من العبارات كما قال في الاقليد واحد . وهو بكسر النون لغة : الولادة ، وشرعا : ما مر أول الباب . وسمي بذلك لأنه يخرج عقب النفس ، أو من قولهم : تنفس الصبح إذا ظهر . ويقال لذات النفاس نفساء بضم النون وفتح الفاء وجمعها نفاس ، ولا نظير له إلا ناقة عشراء فجمعها عشار ، قال تعالى : * ( وإذا العشار عطلت ) * . ويقال في فعله : نفست المرأة ، بضم النون وفتحها وبكسر الفاء فيهما ، والضم أفصح . وأما الحائض فيقال فيها : نفست ، بفتح النون وكسر الفاء لا غير ، ذكره في المجموع . ( وأكثره ستون ) يوما ( وغالبه أربعون ) يوما اعتبارا بالوجود في الجميع كما مر في الحيض . وأما خبر أبي داود عن أم سلمة رضي الله تعالى عنهما : كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله ( ص ) أربعين يوما فلا دلالة فيه على نفي الزيادة ، أو محمول على الغالب أو على نسوة مخصوصات ، ففي رواية لأبي داود : كانت المرأة من نساء النبي ( ص ) تقعد في النفاس أربعين ليلة واختلف في أوله ، فقيل : بعد خروج الولد ، وقيل : أقل الطهر . فأوله فيما إذا تأخر خروجه عن الولادة من الخروج لا منها ، وهو ما صححه في التحقيق . وموضع من المجموع عكس ما صححه في أصل الروضة وموضع آخر من المجموع . وقضية الاخذ بالأول أن زمن النقاء لا يحسب من الستين ، لكن البلقيني صرح بخلافه ، فقال : ابتداء الستين من الولادة ، وزمن النقاء لا نفاس فيه وإن كان محسوبا من الستين ، ولم أر من حقق هذا اه . وعلى هذا يلزمها قضاء ما فاتها من الصلوات المفروضة في هذه المدة . ويشكل على هذا قول المصنف أنها إذا ولدت ولدا جافا أن صومها يبطل ، ولا يصح ذلك إلا إذا قلنا إن هناك دما وإن خفي ، وينبغي على هذا أنه يحرم على حليلها أن يستمتع بها بما بين السرة والركبة قبل غسلها . وكلام ابن المقري يميل إلى الثاني ، وينبغي اعتماده ، وإن كنت جريت على الأول في شرح التنبيه . وإن لم تر الدم إلا بعد مضي خمسة عشر يوما فأكثر ، فلا نفاس لها أصلا على الأصح في شرح المهذب ،