فائدة : لو تيمم في موضع يغلب فيه وجود الماء وصلى في آخر يندر فيه أو عكسه ، هل العبرة بموضع الصلاة أو التيمم ؟ لم أر من صرح بذلك ، وقد أفتاني شيخي بالأول ، واستدل على ذلك بعبارات كتب من كلام الشيخين وغيرهما يطول الكلام بذكرها ، فاستفده فإنها مسألة نفيسة . ( ومن تيمم لبرد ) في السفر وصلى به ، ( قضى في الأظهر ) لأن البرد وإن لم يكن سببا نادرا فالعجز عما يسخن به الماء وعن ثياب يتدفأ بها نادر لا يدوم إذا وقع . والثاني : لا يقضي ، لحديث عمرو بن العاص السابق ، وبه قال أبو حنيفة وأحمد ويوافقه المختار المار عن المصنف لأنه ( ص ) لم يأمره بالإعادة . وأجاب الأول بأن القضاء على التراخي ، وتأخير البيان إلى وقت الحاجة جائز ، وبأنه يحتمل كونه عالما بوجوب القضاء فلم يحتج لبيان . أما إذا تيمم المقيم للبرد فالمشهور كما قال الرافعي القطع بالوجوب . وقال في المجموع : إن الجمهور قطعوا به في كل الطرق . ( أو ) تيمم ( لمرض يمنع الماء مطلقا ) أي في جميع أعضاء الطهارة ، ( أو ) يمنعه ( في عضو ) من أعضائها ، ( ولا ساتر ) على ذلك العضو من لصوق أو نحوه ، ( فلا ) قضاء عليه ، سواء أكان حاضرا أم مسافرا ، لأن المرض عذر عام تشق معه الإعادة ، وقد قال تعالى : * ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) * . والمراد بالمرض هنا أعم من الحرج وغيره . ( إلا أن يكون بجرحه دم كثير ) بحيث لا يعفى عنه ويخاف من غسله محذورا مما مر ، فيصلي معه ويقضي لعدم العفو عن الكثير فيما رجحه الرافعي كما سيأتي في شروط الصلاة ، لأن العجز عن إزالته بماء مسخن ونحوه نادر لا يدوم . وزاد المصنف لفظة كثير ، وقال في الدقائق : لا بد منها ، قال الشارح : أي في مراد الرافعي للعفو عن القليل في محله ، وما سيأتي له في شروط الصلاة من تشبيه بدم الأجنبي فلا يعفى عنه في الأصح محمول بقرينة التشبيه على المنتقل عن محله . ورجح المصنف هناك العفو عن القليل والكثير . وقال شيخنا : إنما لم يعف عن الكثير هنا لأن التيمم طهارة ضرورة فلم يغتفر فيه الدم الكثير كما لم يغتفر فيه جواز تأخير الاستنجاء عنه ، بخلاف الطهر بالماء . ويمكن أيضا حمل ما هنا على كثير جاوز محله أو حصل بفعله ، فلا يخالف ما في شروط الصلاة . على أن بعضهم جعل الأصح عدم العفو أخذا مما صححه في المجموع والتحقيق ، ثم من عدم العفو خلافا لما صححه في المنهاج والروضة اه . وما حمله عليه الشارح أوجه ، وسيأتي تحرير محل العفو عن الكثير في محله إن شاء الله تعالى . واحترز عن اليسير فإنه لا يضر . نعم إن كان على موضع التيمم وكان كشيفا يمنع وصول التراب إلى المحل فإنه يضر ، ويجب حينئذ القضاء لا لأجل النجاسة بل لنقصان البدل والمبدل كما سيأتي في الجبيرة إذا كانت في محل التيمم . ( وإن كان ) بالأعضاء أو بعضها ( ساتر ) كجبيرة ( لم يقض في الأظهر إن وضع ) الساتر ( على طهر ) لأنه أولى من المسح على الخف للضرورة هنا . والثاني : يقضي ، لأنه عذر نادر غير دائم . هذا إذا لم تكن الجبيرة على محل التيمم وإلا وجب القضاء ، قال في الروضة : بلا خلاف لنقص البدل والمبدل جميعا ، ونقله في المجموع ك الرافعي عن جماعة ، ثم قال : وإطلاق الجمهور يقتضي أنه لا فرق اه . وما في الروضة أوجه لما ذكر . ( فإن وضع ) الساتر ( على حدث ) سواء أكان في أعضاء التيمم أم في غيرها من أعضاء الطهارة ، ( وجب نزعه ) إن أمكن بلا ضرر يبيح التيمم ، لأنه مسح على ساتر ، فاشترط فيه الوضع على طهر كالخف . وقيل : لا يجب للضرورة ، والمراد طهارة ذلك المحل فقط ، ولا ينافي ذلك قولهم كالخف ، إذ المشبه قد لا يعطي حكم المشبه به من كل وجه ، لأن الجبيرة وضعت للضرورة ، ويجب استيعابها بالمسح ، وإذا نزع إحدى الجبيرتين لا يجب عليه نزع الأخرى بخلاف الخف في ذلك . وقد يوهم تخصيص وجوب النزع بالوضع على حدث أنه لا يجب نزعه إذا وضع على طهر ولا ضرر عليه في نزعه ، وليس مرادا بل يجب نزعه أيضا . وإنما يفترق الحال عند تعذر النزع في القضاء وعدمه كما نبه على ذلك بقوله : ( فإن تعذر ) نزعه ومسح وصلى ( قضى على المشهور ) لفوات شرط الوضع على طهارة ، فانتفى تشبيهه حينئذ بالخف ، والثاني : لا يقضي