لخبر أبي داود مرسلا : يوم عرفة الذي يعرف الناس فيه ولأنهم لو كلفوا بالقضاء لم يأمنوا وقوع مثله فيه ، ولان فيه مشقة عامة . ( إلا أن يقلوا على خلاف العادة فيقضون في الأصح ) لعدم المشقة العامة ، والثاني : لا قضاء لأنهم لا يأمنون مثله في القضاء . وليس من الغلط المراد لهم ما إذا وقع ذلك بسبب الحساب كما ذكره الرافعي . قال الدارمي : وإذا وقفوا العاشر غلطا حسب أيام التشريق على الحقيقة لا على حساب وقوفهم فلا يقيمون بمنى إلا ثلاثة أيام خاصة . تنبيه : لا فرق في ذلك بين أن يتبين لهم الحال بعد العاشر أو فيه في أثناء الوقوف ، فأما إذا تبين لهم فيه قبل الزوال فوقفوا عالمين ، فقال البغوي : المذهب لا يحسب ، وأنكره الرافعي . وقال عامة الأصحاب على خلافه ، وصحح في المجموع ما قاله الرافعي . قال الأسنوي : فينبغي أن يجعل قوله غلطا مفعولا لأجله ليشمل المسائل الثلاث ، وأما إذا جعل مصدرا في موضع الحال بمعنى غالطين فلا تدخل فيه المسألة الثالثة ، لأن وقوفهم فيها لم يقارنه غلط . ومقتضى كلام المصنف أنهم لو وقفوا ليلة الحادي عشر لا يجزئ ، وهو كذلك كما صححه القاضي حسين ، وإن بحث السبكي الاجزاء كالعاشر لأنه من تتمته . ومن رأى الهلال وحده أو مع غيره وردت شهادته لا معهم ووقف قبلهم أجزأه ، إذ العبرة في دخول وقت عرفة وخروجه باعتقاده ، وهذا كمن شهد برؤية هلال رمضان فردت شهادته يلزمه الصوم . ( وإن وقفوا في ) اليوم ( الثامن ) غلطا ، بأن شهد شاهدان برؤية هلال ذي الحجة ليلة الثلاثين من ذي القعدة ثم بانا كافرين أو فاسقين ، ( وعلموا قبل ) فوت ( الوقوف وجب الوقوف في الوقت ) تداركا له ، ( وإن علموا بعده ) أي بعد فوات وقت الوقوف ( وجب القضاء ) لهذه الحجة في عام آخر ( في الأصح ) لندرة الغلط في التقدم ، ولان تأخير العبادة عن وقتها أقرب إلى الاحتساب من تقديمها عليه ، ولان الغلط بالتقديم يمكن الاحتراز عنه فإنه إنما يقع للغلط في الحساب وللخلل في الشهود الذين شهدوا بتقديم الهلال . والغلط بالتأخير قد يكون بالغيم المانع من الرؤية ومثل ذلك لا يمكن الاحتراز عنه . والثاني : لا يجب عليهم القضاء قياسا على ما إذا غلطوا بالتأخير . قال في البيان : وعليه الأكثرون ، وفرق الأول بما مر . ولو غلطوا بيومين فأكثر أو في المكان لم يصح جزما لندرة ذلك . فصل : في المبيت بالمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها . ( ويبيتون بمزدلفة ) بعد دفعهم من عرفة للاتباع ، رواه مسلم ، وهو واجب وليس بركن على الأصح فيهما ، خلافا للرافعي في قوله : إنه مندوب ، وللسبكي في اختياره أنه ركن . ويكفي في المبيت بها الحصول بها لحظة كالوقوف بعرفة ، فيكفي المرور بها وإن لم يمكث ، ووقته بعد نصف الليل كما نص عليه في الام . وإنما اشترط معظم الليل في مبيت منى لورود التعبير بالمبيت ثم بخلافه هنا ، وصحح الرافعي بناء على الوجوب اشتراط المعظم هنا ، ثم استشكله من جهة أنهم لا يصلونها حتى يمضي نحو ربع الليل مع جواز الدفع منها بعد النصف . ويستحب الاكثار في هذه الليلة من التلاوة والذكر والصلاة . ( ومن دفع منها ) أي من مزدلفة ( بعد نصف الليل ) ولم يعد ، ( أو قبله ) ولو لغير عذر ( وعاد ) إليها ( قبل الفجر ، فلا شئ عليه ) أي لا دم عليه . أما في الحالة الأولى فلها في الصحيحين عن عائشة : أن سودة وأم سلمة رضي الله تعالى عنهن أفاضتا في النصف الأخير بإذنه ( ص ) ولم يأمرهما ولا من كان معهما بدم . وأما في الثانية فكما لو دفع من عرفة قبل الغروب ثم عاد إليها قبل الفجر . ( ومن لم يكن بها في النصف الثاني ) سواء أكان بها في النصف الأول أم لا ، ( أراق دما ، وفي وجوبه ) أي الدم بترك المبيت ، ( القولان ) السابقان في الفصل الذي قبله في وجوبه على من لم يجمع بين الليل والنهار بعرفة . وقضية هذا البناء عدم وجوب الدم فيكون مستحبا كما لو ترك المبيت بمنى ليلة عرفة . لكن رجح المصنف فيما عدا المنهاج من كتبه الوجوب . وقال السبكي : إنه