لأن كلا منهما موجب عند الانفراد فكذلك عند الاجتماع . والثاني : يكفي مد واحد ، لأن الصوم قد فات والفوات يقتضي مدا واحدا ، كالشيخ الهرم إذا لم يجد بدل الصوم أعواما ، فإن المعروف الجزم بأنه لا يتكرر . فإن قلنا بالقديم وهو صوم الولي وصام حصل تدارك أصل الصوم ووجبت فدية التأخير ، وصورة المسألة أنه أخره سنة واحدة ، فإن أخر سنين ومات فعلى الخلاف في المسألة قبلها . تنبيه : تجب فدية التأخير بتحقق الفوات ولو لم يدخل رمضان ، فلو كان عليه عشرة أيام فمات لبواقي خمس من شعبان لزمه خمسة عشر مدا عشرة لأصل الصوم إذا لم يصم عنه وليه وخمسة للتأخير ، لأنه لو عاش لم يمكنه إلا قضاء خمسة ، وتعجيل فدية التأخير قبل دخول رمضان الثاني ليؤخر القضاء مع الامكان جائز في الأصح كتعجيل الكفارة قبل الخنث المحرم . ويحرم التأخير ، ولا شئ على الهرم ولا الزمن ولا من اشتدت مشقة الصوم عليه لتأخير الفدية إذا أخروها عن السنة الأولى . وليس لهم ولا للحامل ولا للمرضع تعجيل فدية يومين فأكثر كما لا يجوز تعجيل الزكاة لعامين ، بخلاف ما لو عجل من ذكر فدية يوم فيه أو في ليلته فإنه جائز . ( ومصرف الفدية الفقراء والمساكين ) فقط دون بقية الأصناف الثمانية الآتية في قسم الصدقات ، لقوله تعالى : * ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) * والفقير أسوأ حالا منه ، فإذا جاز صرفها إلى المسكين فالفقير أولى ، ولا يجب الجمع بينهما . ( وله صرف أمداد ) من الفدية ( إلى شخص واحد ) لأن كل يوم عبادة مستقلة ، فالامداد بمنزلة الكفارات ، بخلاف المد الواحد فإنه لا يجوز صرفه إلى شخصين لأن كل مد فدية تامة ، وقد أوجب الله تعالى صرف الفدية إلى الواحد فلا ينقص عنها ولا يلزم منه امتناع صرف فديتين إلى شخص واحد كما لا يمتنع أن يأخذ الواحد من زكوات متعددة . ( وجنسها ) أي الفدية ، ( جنس الفطرة ) ونوعها وصفتها ، بجامع أن كلا منهما طعام واجب شرعا ، وقد سبق بيان ذلك في زكاة الفطر . ويعتبر في المد الذي توجبه هنا وفي الكفارات أن يكون فاضلا عن قوته كزكاة الفطر ، قاله القفال في فتاويه . وكذا عمل يحتاج إليه من مسكن وملبوس وخادم كما يعلم ذلك من كتاب الكفارات . فصل : في موجب كفارة الصوم : ( تجب الكفارة ) مع التعذير كما قاله البغوي ، وسيأتي بيانهما على كل مكلف . ( بإفساد صوم يوم من رمضان ) بالفطر لصوم نفسه ، ( بجماع به بسبب الصوم ) ولا شبهة ، لخبر الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه : جاء رجل إلى النبي ( ص ) فقال : هلكت قال : وما أهلكك ؟ قال : واقعت امرأتي في رمضان ، قال : هل تجد ما تعتق رقبة ؟ قال : لا ، قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا ، قال : فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا ؟ قال : لا ، ثم جلس فأتي النبي ( ص ) بعرق فيه تمر فقال : تصدق بهذا فقال : على أفقر منا يا رسول الله ؟ فوالله ما بين لابتيها - أي جبليها - أهل بيت أحوج إليه منا فضحك النبي ( ص ) حتى بدت أنيابه ، ثم قال : اذهب فأطعمه أهلك وفي رواية للبخاري : فأعتق رقبة فصم شهرين فأطعم ستين بالامر ، وفي رواية لأبي داود : فأتي بعرق تمر قدر خمسة عشر صاعا قال البيهقي : وهي أصح من رواية فيه عشرون صاعا . والعرق بفتح العين والراء مكتل ينسج من خوص النخل ، وسيأتي محترز بعض هذا الضابط في كلامه . وأوردوا عليه أمورا طردا وعكسا ، فمن الأول ما إذا جامع المسافر ونحوه امرأته ففسد صومها لا كفارة عليه بإفساده عن الأظهر ، وهذا خرج بما قدرته في كلامه ، فلو زاده كان أولى . ومنه ما لو ظن غروب الشمس بلا أمارة فجامع ثم بان نهارا فلا كفارة لأنه لم يقصد الهتك ، قاله القاضي حسين وغيره ، قاله في المجموع ، وبه قطع الأصحاب إلا الامام . قال الشيخان : ينبغي أن يكون هذا مفرعا على تجويز الافطار بالظن وإلا فلا فتجب الكفارة وفاء بالضابط ، لكن صرح القاضي بعدم وجوبها وإن قلنا لا يجوز الافطار بالظن بل صرح البغوي بخلاف المقتضى المذكور في مسألة الشك وبالتسوية بين شكه في دخول الليل وخروجه ، وعلل عدم وجوب الكفارة بأنها تسقط بالشبهة . واعلم أن البغوي لم يصرح في التهذيب بمسألة الظن لكنها مفهومة