رطبة ، والجنوب حارة رطبة ، والشمال باردة يابسة ، وهو ريح الجنة التي تهبه على أهلها ، جعلنا الله ووالدينا ومشايخنا وأصحابنا ومن أنتفع بشئ من هذا الكتاب ودعا لنا بالمغفرة منهم . ( باب صلاة الاستسقاء ) هو لغة : طلب السقيا ، وشرعا : طلب سقيا العباد من الله تعالى عند حاجتهم إليها . والأصل في الباب قبل الاجماع الاتباع ، رواه الشيخان وغيرهما ، ويستأنس لذلك بقوله تعالى : * ( وإذ استسقى موسى لقومه ) * الآية ، ولم نقل : ويستدل لذلك لأن شرع من قبلنا إذا ورد في شرعنا ما يقرره ليس بشرع لنا على الأصح . ( وهي سنة ) مؤكدة لما مر ، وإنما لم تجب لخبر : هل علي غيرها ؟ . وتنقسم إلى ثلاثة أنواع : أدناها يكون بالدعاء مطلقا عما يأتي فرادى أو مجتمعين . وأوسطها يكون بالدعاء خلف الصلوات فرضها كما في شرح مسلم ونفلها كما في البيان وغيره وفي خطبة الجمعة ونحو ذلك ، والأفضل أن تكون بالصلاة والخطبة ، ويأتي بيانهما ، ولا فرق في ذلك بين المقيم ولو بقرية أو بادية والمسافر ولو سفر قصر لاستواء الكل . ( عند الحاجة ) وذلك لانقطاع الماء أو قلته بحيث لا يكفي ، أو ملوحته أو زيادته إذا كان بها نفع . ويستسقي غير المحتاج للمحتاج ، ويسأل الزيادة لنفسه ، لأن المؤمنين كالعضو الواحد إذا اشتكى بعضه اشتكى كله ، وروى مسلم خبر : دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة ، عند رأسه ملك ( موكل ) كلما دعا لأخيه قال الملك الموكل به : آمين ولك بمثل ذلك ويظهر كما قال الأذرعي تقييد ذلك بأن لا يكون الغير ذا بدعة وضلالة وبغي ، وإلا فلا يستسقى له تأديبا وزجرا ، ولان العامة تظن بالاستسقاء له حسن طريقته والرضا بها ، وفيه مفاسد . أما لو انقطع الماء ولم تمس الحاجة إليه ولا نفع به في ذلك الوقت فلا استسقاء . تنبيه : قد يفهم كلام المصنف أنه لا يستسقى بالصلاة لطلب زيادة فيها نفع لهم ، وليس مرادا كما تقرر . ( وتعاد ) الصلاة مع الخطبتين كما صرح به ابن الرفعة وغيره ، ( ثانيا وثالثا ) وأكثركما في المجموع ، ( إن لم يسقوا ) حتى يسقيهم الله تعالى فإن الله يحب الملحين في الدعاء ، رواه ابن عدي والعقيلي عن عائشة وضعفاه . وفي الصحيحين : يستجاب لاحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي وهل يتوقفون على صيام ثلاثة أيام قبل خروجهم أم لا ؟ نصان حملهما الجمهور كما قال في المجموع على حالين : الأول على ما إذا شق عليهم الخروج من الغد واقتضى الحال التأخير كانقطاع مصالحهم فحينئذ يصومون . والثاني : على خلافه . وحكي عن أصبغ أنه قال : استسقي للنيل بمصر خمسة وعشرون يوما متوالية ، وحضره ابن القاسم وابن وهب وغيرهما ، والمرة الأولى آكد في الاستحباب . ثم إذا عادوا من الغد أو بعده يندب أن يكونوا صائمين فيه . ( فإن تأهبوا للصلاة فسقوا قبلها اجتمعوا للشكر ) على تعجيل ما عزموا على سؤاله بأن يثنوا على الله تعالى ويمجدوه ويحمدوه على ذلك ، قال تعالى : * ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) * . ( والدعاء ) بالزيادة إن لم يتضرر بكثرة المطر . ( ويصلون ) صلاة الاستسقاء المعروفة شكرا أيضا ، ( على الصحيح ) كما يجتمعون للدعاء ونحوه ، والثاني : لا يصلون لأنها لم تفعل إلا عند الحاجة ، وصححه ابن الصلاح ، وذكر الأذرعي أنه سبق قلم ، وقطع الجمهور بالأول . وهو المنصوص كما قاله في الروضة ، فكان ينبغي التعبير بالمذهب . وسكت المصنف عن الخطبة والأصح أنه يخطب بهم كما صرح به ابن المقري . أما إذا سقوا بعدها فلا يجتمعون لما ذكر ، ولو سقوا في أثنائها أتموها جزما كما يشعر به كلامه . ( ويأمرهم الامام ) ندبا أو من يقوم مقامه ، ( بصيام ثلاثة أيام أولا ) متتابعة ، ويصوم معهم قبل ميعاد يوم الخروج فهي أربعة لأن الصوم معين على الرياضة والخشوع . وروى الترمذي عن أبي هريرة خبر : ثلاثة لا ترد دعوتهم : الصائم حتى يفطر ، والإمام العادل ، والمظلوم وقال : حديث حسن . ورواه البيهقي عن أنس ، وقال دعوتم الصائم