ترتيب نفسه ولا يتابعه ، ففي الجنازة إذا كبر الإمام الثانية يخير بين أن يفارقه أو ينتظر سلامه ، ولا يتابعه في التكبير وفي الكسوف يتابعه في الركوع الأول ثم يرفع ويفارقه أو ينتظره راكعا إلى أن يركع ثانيا فيعتدل ويسجد معه ، ولا ينتظره بعد الرفع لما فيه من تطويل الركن القصير . ومحل الأول إذا صلى الكسوف على الوجه الأكمل . أما إذا فعلت ركعتين فقط كصلاة الصبح فتصح القدوة به ، ومحله أيضا في غير ثاني قيام ثانية الكسوف ، أما فيه فتصح لعدم المخالفة بعدها . قال الأسنوي : ولا إشكال إذا اقتدى به في التشهد ، قال : ومنع الاقتداء بمن يصلي جنازة أو كسوفا مشكل ، بل ينبغي أن يصح لأن الاقتداء به في القيام لا مخالفة فيه ، ثم إذا انتهى إلى الافعال المخالفة فإن فارقه استمرت الصحة وإلا بطلت كمن صلى في ثوب ترى عورته منه إذا ركع بل أولى ، فينبغي حمل كلامهم على ما ذكرناه . وأجيب بأن المبطل لم يعرض بعد الانعقاد ، وهذا موجود عنده وهو اختلاف فعل الصلاتين الذي تتعذر معه المتابعة بعد الاقتداء . قال البلقيني : وسجود التلاوة والشكر كصلاة الجنازة والكسوف . والشرط السادس من شروط الاقتداء : موافقة الإمام في أفعال الصلاة ، فإن ترك الإمام فرضا لم يتابعه في تركه لأنه إن تعمده فصلاته باطلة وإلا ففعله غير معتد به ، أو ترك سنة أتى هو بها إن لم يفحش تخلفه لها كجلسة الاستراحة وقنوت يدرك معه السجدة الأولى كما مر ، لأن ذلك تخلف يسير . أما إذا فحش التخلف لها كسجود التلاوة والتشهد الأول فلا يأتي بها ، لخبر : إنما جعل الإمام ليؤتم به فلو اشتغل به بطلت صلاته لعدوله عن فرض المتابعة إلى سنة ، ويخالف سجود السهو والتسليمة الثانية لأنه يفعله بعد فراغ الإمام . والشرط السابع من شروط الاقتداء المتابعة في أفعال الصلاة كما قال . فصل : ( تجب متابعة الإمام في أفعال الصلاة ) لا في أقوالها على ما سيأتي . وكمال المتابعة يحصل ( بأن يتأخر ابتداء فعله ) أي المأموم ( عن ابتدائه ) أي الإمام ، أي ابتداء فعل الإمام ، ( ويتقدم ) ابتداء فعل المأموم ( على فراغه ) أي الإمام ( منه ) أي من الفعل ، ففي الصحيحين : إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا ، وأفهم تحريم التقدم في الافعال وإن لم تبطل كأن سبقه بركن . واحترز بالافعال عن الأقوال كالتشهد والقراءة ، فإنه يجوز فيها التقدم والتأخر إلا في تكبيرة الاحرام كما يعلم مما سيأتي ، وإلا في السلام فيبطل تقدمه إلا أن ينوي المفارقة ، ففيه الخلاف فيمن نواها ، وما وقع لابن الرفعة ومتابعيه من أنه لا يبطل خلاف المنقول . فإن قيل : تفسيره المتابعة بما ذكر يناقضه قوله بعد : فإن قارنه لم يضر . أجيب بأن مراده بيان المتابعة الكاملة كما قدرته في كلامه ، أو بأن قوله أولا : تجب المتابعة ، أي في الجملة ، وهو الحكم على المجموع من أحوال المتابعة لا حكم كل فرد فرد . ولا شك أن المتابعة في كلها واجبة والتقدم بجميعها مبطل بلا خلاف . والحكم ثانيا بأنه لا يضر إنما ذكره للحكم من حيث الافراد ، والحكم على الكل غير الحكم على الافراد ، وهذا كقول الشيخ في التنبيه : من السنن الطهارة ثلاثا ثلاثا مع أن الأولى واجبة ، وإنما أراد الحكم على الجملة من حيث هي ، وحيث أمكن الجمع ولو بوجه بعيد فهو أولى من التناقض . فإن قيل : يرد الجواب الأول ذكر ما ذكر عقب قوله : تجب متابعة الإمام ، وذلك يقتضي أنه أراد تفسير المتابعة الواجبة . أجيب بأن هذا كقولنا تجب الصلاة بفعل كذا وكذا ، فيذكر أولا وجوبها ثم يفسر كمالها . ولو عبر المصنف بالتبعية بدل المتابعة لكان أولى ، لأن المتابعة تقتضي المفاعلة غالبا . ( فإن قارنه ) في فعل أو قول ( لم يضر ) أي لم يأثم ، لأن القدوة منتظمة لا مخالفة فيها ، نعم هي مكروهة ومفوتة لفضيلة الجماعة لارتكابه المكروه . قال الزركشي : ويجري ذلك في سائر المكروهات أي المتعلقة بالجماعة ، وضابطه أنه حيث فعل مكروها مع الجماعة من مخالفة مأمور به في الموافقة والمتابعة كالانفراد عنهم فإن فضلها ، إذ المكروه لا ثواب فيه ، مع أن صلاته جماعة إذ لا يلزم من انتفاء فضلها انتفاؤها . فإن قيل : فما فائدة حصول الجماعة مع انتفاء الثواب فيها ؟ أجيب بأن فائدته سقوط الاثم على القول بوجوبها إما على العين أو على الكفاية ، والكراهة على القول بأنها سنة مؤكدة لقيام الشعار ظاهرا . وهل المراد بالمقارنة المفوتة لذلك المقارنة في جميع الأفعال أو يكتفي