في ذلك إظهارا لشرفه وعظيم منزلته ( ص ) وزاده فضلا وشرفا لديه . وقول المصنف : الذي وعدته في محل نصب بدل من قوله مقاما لا نعت له لأنه يجوز إبدال المعرفة من النكرة ولا يجوز نعت النكرة بالمعرفة كما لا يجوز نعت المعرفة بالنكرة ، ويجوز أن يكون منصوبا بتقدير : أعني ، ومرفوعا خبرا لمبتدأ محذوف . تتمة : يندب الدعاء بين الأذان والإقامة لخبر : الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة فادعوا رواه الترمذي وحسنه . قال في العباب : وأكده بسؤال العافية في الدنيا والآخرة ، وأن يقول المؤذن ومن سمعه بعد أذان المغرب : اللهم هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعاتك فاغفر لي ، وبعد أذان الصبح : اللهم هذا إقبال نهارك وإدبار ليلك وأصوات دعاتك فاغفر لي . فصل : استقبال القبلة : بالصدر لا بالوجه ، ( شرط لصلاة القادر ) على الاستقبال ، لقوله تعالى : * ( فول وجهك شطر ) * أي نحو ( المسجد الحرام ) . والاستقبال لا يجب في غير الصلاة فتعين أن يكون فيها ، وقد ورد أنه ( ص ) قال للمسئ صلاته ، وهو خلاد بن رافع الزرقي الأنصاري : إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة رواه الشيخان ، ورويا أنه ( ص ) ركع ركعتين قبل الكعبة ، أي وجهها ، وقال : هذه القبلة مع خبر : صلوا كما رأيتموني أصلي فلا تصح الصلاة بدونه إجماعا . والقبلة في اللغة : الجهة ، والمراد هنا الكعبة ، ولو عبر بها لكان أولى لأنها القبلة المأمور بها ، ولكن القبلة صارت في الشرع حقيقة الكعبة لا يفهم منها غيرها ، سميت قبلة لأن المصلي يقابلها ، وكعبة لارتفاعها وقيل : لاستدارتها . أما العاجز عنه كمريض لا يجد من يوجهه إليها ومربوط على خشبة فيصلي على حاله ويعيد وجوبا . قال في الكفاية : ووجوب الإعادة دليل على الاشتراط ، أي فلا يحتاج إلى التقييد بالقادر فإنها شرط للعاجز أيضا بدليل القضاء ، ولذلك لم يذكره في التنبيه والحاوي . واستدرك على ذلك السبكي ، فقال : لو كان شرطا لما صحت الصلاة بدونه ووجوب القضاء لا دليل فيه اه . وفي هذا نظر لأن الشرط إذا فقد تصح الصلاة بدونه وتعاد كفاقد الطهورين ، ثم رأيت الأذرعي تعرض لذلك . ( إلا في ) صلاة ( شدة الخوف ) فيما يباح من قتال أو غيره فرضا كانت أو نفلا ، فليس التوجه بشرط فيها لقوله تعالى : * ( فإن خفتم فرجالا أو ركبانا ) * قال ابن عمر : مستقبلي القبلة وغير مستقبليها رواه البخاري في التفسير . قال في الكفاية : نعم لو قدر أن يصلي قائما إلى غير القبلة وراكبا إلى القبلة وجب الاستقبال راكبا لأنه آكد من القيام ، لأن القيام يسقط في النافلة بغير عذر بخلاف الاستقبال . وقد أعاد المصنف المسألة مبسوطة في صلاة الخوف ونذكر ما فيها هناك إن شاء الله تعالى . ( و ) إلا في ( نفل السفر ) المباح لقاصد محل معين ، لأن النفل يتوسع فيه كجوازه قاعدا للقادر ، وخرج بذلك النفل في الحضر فلا يجوز ، وإن احتيج فيه للتردد كما في السفر لعدم وروده . ( فللمسافر ) السفر المذكور ( التنفل راكبا ) لحديث جابر قال : كان رسول الله ( ص ) يصلي على راحلته حيث توجهت به ، أي في جهة مقصده ، فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة رواه البخاري . ( وماشيا ) قياسا على الراكب ، بل أولى . والحكمة في التخفيف في ذلك على المسافر أن الناس محتاجون إلى الاسفار فلو شرط فيها الاستقبال للنفل لأدى إلى ترك أورادهم أو مصالح معايشهم ، ويشترط ترك الأفعال الكثيرة من غير عذر كالركض والعدو . ( ولا يشترط طول سفره على المشهور ) لعموم الحاجة قياسا على ترك الجمعة والسفر القصير . قال الشيخ أبو حامد وغيره : مثل أن يخرج إلى ضيعة مسيرتها ميل أو نحوه ، وقال القاضي والبغوي : أن يخرج إلى مكان لا تلزم فيه الجمعة لعدم سماع النداء ، وهما متقاربان . والثاني : يشترط كالقصر ، وفرق الأول بأن النفل أخف فيتوسع فيه ولهذا جاز من قعود في الحضر مع القدرة على القيام . ( فإن أمكن ) أي سهل ( استقبال الراكب ) غير ملاح ، ( في مرقد ) كمحمل واسع وهودج في جميع صلاته ، ( وإتمام ) الأركان كلها أو بعضها نحو ( ركوعه وسجوده لزمه ) ذلك لتيسره عليه كراكب السفينة ، وفي قول لا يلزمه لأن الحركة