نام کتاب : كتاب الأم نویسنده : الإمام الشافعي جلد : 1 صفحه : 9
العباد وعرف طبائع سكان تلك البلاد التي زارها وأخلاقهم وعاداتهم ، ولغاتهم كما تعرف على كثير ممن أملى عليهم الموطأ وهو في المدينة فكانوا خير معين له في هذه السياحة . رحلته الثانية إلى المدينة : وبينما هو في " الرملة " ذات يوم إذ أقبل ركب المدينة من الحجاز فسألهم الشافعي عن مالك فقالوا : إنه بخير وقد اتسعت أرزاقه فاشتاق الشافعي لرؤية الامام مالك في حال غناه كما رآه في حال فقره من المال ، فركب راحلته ووصل المدينة بعد سبعة وعشرين يوما . فوافق دخوله ساعة العصر 174 ه وقصد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وصلى العصر فرأى كرسيا من الحديد عليه مخدة وحول الكرسي نحو أربعمائة دفتر ، وبينما هو كذلك إذ رأى مالكا داخلا وقد فاح عطره في المسجد وحوله جماعة يحملون ذيله حتى جلس على الكرسي ، ثم طرح مسألة إثر مسألة في جراح العمد على الموجودين فلم يجب أحد . فضاق صدر الشافعي ونظر إلى رجل كان بجانبه وهمس إليه في أذنه بالجواب ، فقال الرجل : الجواب كذا وكذا كما سمعه من الشافعي ، ولما تكررت إجابة هذا الرجل بالصواب في كل مسألة قال له مالك : من أين لك هذا العلم ؟ فقال الرجل : إن بجانبي شابا يقول لي : الجواب كذا وكذا ، فاستدعى الامام مالك الشاب فإذا هو الشافعي ، فضمنه مالك إلى صدره ونزل عن كرسيه وقال له : أتمم أنت هذا الباب . وبعد أن أتم الشافعي الدرس أخذه الامام مالك إلى بيته ، ولم يمض على عودة الشافعي إلى المدينة زمن طويل حتى جاءت الاخبار من مصر بوفاة الامام الليث بن سعد في نصف شعبان سنة 175 ه فحزن لوفاته مالك والشافعي . أقام الشافعي بعد ذلك في المدينة المنورة أربع سنوات وأشهرا ملحوظا بعين الامام مالك إلى أن توفي الامام مالك في شهر ربيع الأول سنة 197 ه ودفن بالبقيع وبقي الشافعي في المدينة ولا معين له إلا الله تعالى ، وكان عمره عامئذ 29 سنة تقريبا . رحلته إلى اليمن : وصادف بعد وفاة الامام مالك أن جاء والي اليمن إلى المدينة فكلمه جماعة من قريش ، فأخذه إلى صنعاء اليمن وقلده عملا مستقلا أحسن الشافعي إدارته ونال ثناء الناس عليه وأحبه الوالي وتعلم علم الفراسة من أهل اليمن الذين كانوا يجيدون فقهها حتى تفوق فيه . محنته وأسبابها : وهي الرحلة الثانية إلى العراق لما لمع نجمه في اليمن نظرا لعلو كعبه في مختلف العلوم وما أحرزه من المكانة العالية عند الوالي حسده الحاسدون وحقد عليه الحاقدون ، فوشوا به عند الخليفة هارون الرشيد في بغداد واتهموه بأنه رئيس حزب العلويين وأنه يدعو إلى عبد الله بن المحض الحسن المثنى بن الحسين السبط . فأرسل هارون الرشيد أحد قواده إلى اليمن ، فبعث له ذلك القائد بكتاب يخوفه ما العلويين ويذكر له فيه الشافعي ويقول عنه : إنه يعمل بلسانه ما لا يقدر المقاتل عليه بحسامه وسناه ، وإن أردت يا أمير المؤمنين ان تبقى الحجاز عليك فاحملهم إليك . فبعث الرشيد إلى والي اليمن يأمره بأن يحمل العلويين إلى بغداد ومعهم الشافعي مكبلا بالحديد . فاعتقلهم الوالي ومعهم الشافعي ، ووضع في رجليه الحديد تنفيذا لأمر الخليفة ، وأرسلهم إلى بغداد ، فدخلوها في غسق الليل وأحضروهم بين يدي هارون الرشيد وكان جالسا وراء ستارة وكانوا
9
نام کتاب : كتاب الأم نویسنده : الإمام الشافعي جلد : 1 صفحه : 9