نام کتاب : الرسالة نویسنده : الإمام الشافعي جلد : 1 صفحه : 569
1698 - فكان قول من قال " الأقراء الأطهار " أشبه بمعنى كتاب الله [1] واللسان واضح على هذه المعاني والله أعلم [2]
[1] في سائر النسخ « بمعني الكتاب » وهو مخالف للأصل . [2] « القرء » نص ابن دريد في الجمهرة ( ج 2 ص 410 ) على أنه مهموز . وقال أيضا ( ج 3 ص 276 ) : « وأقرأت المرأة إقراء فهي مقرئ . واختلفوا في ذلك : فقال قوم : هو الطهر ، وقال قوم : هو الحيض . وكل مصيب ، لان الإقراء هو الجمع والانتقال من حال إلى حال ، فكأنه انتقال من حيض إلى طهر ، وهو الأصح والأكثر ويجوز ان يكون انتقالا من طهر إلى حيض » . ونقل البخاري في صحيحه ( ج 9 ص 420 - 421 من الفتح ) عن أبي عبيدة معمر بن المثنى قال : « يقال أقرأت المرأة إذا دنا حيضها ، وأقرأت إذا دنا طهرها » . وقال ابن قتيبة في غريب القرآن ( ج 1 ص 78 من كتاب القرطين ) : « وإنما جعل الحيض قرءا والطهر قرءا لأن أصل القرء في كلام العرب الوقت ، يقال : رجع فلان لقرئه ، أي لوقته الذي كان يرجع فيه ، ورجع لقارئه أيضا » . وقال القاضي عياض في مشارق الأنوار ( ج 2 ص 175 ) : « وحقيقته الوقت عند بعضهم ، والجمع عند آخرين ، والانتقال من حال إلى حال عند آخرين ، وهو أظهر عند أهل التحقيق » . وانظر أيضا مفردات الراغب ( ص 411 ) و الفائق للزمخشري ( ج 2 ص 163 - 164 ) ولسان العرب في مادتي ( ق ر أ ) و ( ق ر ا ) . وهذا كله يدل على أن « القرء » يطلق في اللغة إطلاقا حقيقيا صحيحا على الحيض وعلى الطهر ، وليس مشتركا ، لأنه في معنى أعم منهما ، يشمل كل واحد منهما . فالاحتجاج لتفسيره في الآية بالشواهد اللغوية وحدها غير كاف ، وانما يرجع في ذلك إلى أدلة الشريعة ونصوصها ، ليعرف هل يراد باللفظ فيها أحد المعنيين أو هما . وقد ذكرنا فيما مضى بعض ما يرجع انه في لسان الشارع يراد به الحيض فقط ، ونزيد عليه : أن أحاديث كثيرة وردت في المستحاضة ، وفيها : أنها تدع الصلاة أيام « أقرائها » ، أو نحو هذا ، وانظرها في سنن أبي داود ( ج 1 ص 111 - 120 ) وسنن النسائي ( ج 1 ص 65 ) ونصب الراية ( ج 1 ص 201 - 202 ) وهذه الأحاديث على اختلاف رواياتها تدل على أن « القرء » في لسان الشارع انما يراد به الحيض فقط . وثم حجة أخرى : أن الفقهاء جميعا اتفقوا - ما عدا ابن حزم فيما أعلم - على أن عدة الأمة على النصف من عدة الحرة ، وأنهم لم يستدلوا على ذلك بكبير شي إلا بحديث مرفوع ورد من طرق فيها كلام كثير ، لفظه : « طلاق الأمة ثنتان ، وعدتها حيضتان » أو نحو ذلك ، وانظر طرقه في نصب الراية ( ج 3 ص 226 - 227 ) ثم بآثار صحاح عن كثير من الصحابة يقولون « عدتها حيضتان » ، فروى مالك في الموطأ ( ج 2 ص 94 ) عن نافع : « أن عبد الله بن عمر كان يقول : إذا طلق العبد امرأته تطليقتين فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره ، حرة كانت أو أمة ، وعدة الحرة ثلاث حيض ، وعدة الأمة حيضتان » . وروى الشافعي في الام ( ج 5 ص 199 ) عن سفيان بن عيينة عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عتبة عن عمر بن الخطاب قال : « ينكح العبد امرأتين ، ويطلق تطليقتين ، وتعتد الأمة حيضتين ، فان لم تكن تحيض فشهرين ، أو شهرا ونصفا » . وهذا اسناد صحيح . ثم روى نحوه عن عمر باسناد آخر فيه رجل مبهم ، انظر أيضا نيل الأوطار ( ج 7 ص 90 - 92 ) والمحلى لابن حزم ( ج 10 ص 306 - 311 ) . وقد دخل هذا اللفظ على القائلين بأن الأقراء الأطهار ، أعني قولهم في عدة الأمة أنها حيضتان ، ففي الموطأ ( ج 2 ص 100 ) : « قال مالك في الرجل تكون تحته الأمة ثم يبتاعها فيعتقها : إنها تعتد عدة الأمة حيضتين ما لم يصبها » . وقال الشافعي في الأم ( ج 5 ص 198 - 199 ) : « فلم أعلم مخالفا ممن حفظت عنه من أهل العلم في أن عدة الأمة نصف عدة الحرة ، فيما كان له نصف معدود ، ما لم تكن حاملا ، فلم يجز إذ وجدنا ما وصفت من الدلائل على الفرق فيما ذكرنا وغيره بين عدة الأمة والحرة - : الا أن نجعل عدة الأمة نصف عدة الحرة ، فيما له نصف ، وذلك الشهور ، فأما الحيض فلا يعرف له نصف ، فتكون عدتها فيه أقرب الأشياء من النصف إذا لم يسقط من النصف شيء ، وذلك حيضتان ، ولو جعلناها حيضة أسقطنا نصف حيضة ، ولا يجوز أن يسقط عنها من العدة شيء » . ثم قال بعد أسطر : « تعتد إذا كانت ممن تحيض حيضتين ، إذا دخلت في الدم من الحيضة الثانية حلت » . وهذا تأول من الشافعي لقولهم « عدتها حيضتان » والا فان اللفظ غلب عليه في كلامه ، فعبر هو عن عدتها بأنها حيضتان . ولذلك قال ابن حزم في المحلى . « قالوا كلهم : عدتها حيضتان ، إلا الشافعي ، فإنه قال : طهران ، فإذا رأت الدك من الحيضة الثانية فهو خروجها من من العدة » . وهذا من ابن حزم بيان عن مراد الشافعي ، لا حكاية اللفظ ، والا فلفظه كما ترى « حيضتان » . وكل هذا يدل - كما قلنا - أن « القرء » في لسان الشرع إنما هو الحيض ، وإن أطلق على الطهر في اللغة .
569
نام کتاب : الرسالة نویسنده : الإمام الشافعي جلد : 1 صفحه : 569