responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الرسالة نویسنده : الإمام الشافعي    جلد : 1  صفحه : 150


الله يعلم أن رسول الله إنما لاعن كما أنزل الله 430 - فاكتفوا بإبانة الله اللعان بالعدد والشهادة لكل واحد منهما دون حكاية لفظ رسول الله حين لاعن بينهما [1] 431 - قال الشافعي في كتاب ال [2] له غاية الكفاية من اللعان وعدده 432 - [3] ثم حكى بعضهم عن النبي في الفرقة بينهما كما وصفت 433 - وقد وصفنا سنن رسول الله مع كتاب الله قبل هذا [4] .
إذا كان الوحي ينزل بمكروه ، لما ذكرت من قول الله تبارك وتعالى ، ثم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره فيما في معناه .
وفي معناه كراهية لكم أن تسألوا عما لم يحرم ، فان حرمه الله في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم : حرم ابدا ، الا أن ينسخ الله تحريمه في كتابه ، أو ينسخ على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم سنه بسنة [1] .
وفيه دلائل على أن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم حرام باذن الله تعالى إلى يوم القيامة ، بما وصفت وغيره ، من افتراض الله تعالى طاعته في غير آية من كتابه ، وما جاء عنه صلى الله عليه وسلم ، مما قد وصفته في غير هذا الموضع .
وفيه دلالة على أن رسول الله صلى الله على وسلم حين وردت عليه هذه المسئلة ، وكانت حكما - : وقف عن جوابها ، حتى أتاه من الله عز وجل الحكم فيها ، فقال لعويمر : « قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك » فلاعن بينهما ، كما أمر الله تعالى في اللعان ، ثم فرق بينهما ، وألحق الولد بالمرأة ونفاه عن الأب ، وقال له : « لا سبيل لك عليها » ولم يردد الصداق على الزوج .
فكانت هذه أحكاما وجبت باللعان ، ليست باللعان بعينه ، فالقول فيها واحد من قولين : أحدهما : أني سمعت ممن أرضى دينه وعقله وعلمه يقول : انه لم يقض فيها ولا غيرها الا بأمر الله تبارك وتعالى ، قال :
فأمر الله إياه وجهان : أحدهما : وحي ينزله فيتلى على الناس ، والثاني :
رسالة تأتيه عن الله تعالى بأن افعل كذا ، فيفعله .
ولعل من حجة من قال هذا القول ان يقول : قال الله تبارك وتعالى : [ وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم ] [1] فيذهب إلى أن الكتاب هو ما يتلى عن الله تعالى ، والحكمة هي ما جاءت به الرسالة عن الله ، مما بينت سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد قال الله عز وجل لأزواج نبيه [2] : [ واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة ] [3] .
ولعل من حجته أن يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي الزاني بامرأة الرجل الذي صالحه على الغنم والخادم - : « والذي نفسي بيده ، لأقضين بينكما بكتاب الله . أما إن الغنم والخادم رد عليك » .
وأن امرأة رجم إذا اعترفت ، وجلد ابن الرجل مائة وغربه عاما .
ولعله يذهب إلى أنه إذا انتظر الوحي في قضية لم ينزل عليه فيها - انتظره كذلك في كل قضية . . .
وقال غيره : سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهان : أحدهما :
ما يبين ما في كتاب الله [4] ، المبين عن معنى ما أراد الله بجملته ، خاصا وعاما .
والآخر : ما ألهمه الله من الحكمة ، وإلهام الأنبياء وحي . ولعل من حجة من قال هذا القول أن يقول : قال الله عز وجل فيما يحكي عن إبراهيم :
[ إني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى ؟ قال : يا أبت افعل ما تؤمر ] [1] فقال غير واحد من أهل التفسير : رؤيا الأنبياء وحي ، لقول ابن إبراهيم الذي أمر بذبحه : [ يا أبت افعل ما تؤمر ] ومعرفته أن رؤياه امر أمر به ، وقال الله تبارك وتعالى لنبيه : [ وما جعلنا الرؤيا التي أريناك الا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ] [2] وقال غيرهم : سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحي ، وبيان عن وحي ، وأمر جعله الله اليه ، بما ألهمه من حكمته ، وخصه به من نبوته ، وفرض على العباد اتباع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابه .
قال : وليس تعدو السنن كلها واحدا من هذه المعاني التي وصفت ، باختلاف من حكيت عنه من أهل العلم . وأيها كان فقد ألزمه الله تعالى خلقه ، وفرض عليهم اتباع رسوله فيه .
وفي انتظار رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي في المتلاعنين ، حتى جاءه فلاعن ، ثم سن الفرقة ، وسن نفي الولد ، ولم يردد الصداق على الزوج وقد طلبه - : دلالة على أن سنته لا تعدو واحدا من الوجوه التي ذهب إليها أهل العلم : بأنها تبين عن كتاب الله : إما برسالة من الله ، أو إلهام له ، وإما بأمر جعله الله اليه ، لموضعه الذي وضعه من دينه - وبيان لأمور : منها أن الله تعالى أمره أن يحكم علي الظاهر ، ولا يقيم حدا بين اثنين إلا به ، لأن الظاهر يشبه الاعتراف من المقام عليه الحد ، أو بينة ، ولا يستعمل على أحد - في حد ولاحق وجب عليه - : دلالة على كذبه ، ولا يعطى أحدا بدلالة على صدقه ، حتى تكون الدلالة من الظاهر في العام ، لا من الخاص .
فإذا كان هذا هكذا في أحكام رسول الله صلى الله عليه وسلم - :
كان من بعده من الولاة أولى أن لا يستعمل دلالة ، ولا يقضي إلا بظاهر أبدا .
فإن قال قائل : ما دل على هذا ؟ قلنا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في المتلاعنين : « ان أحدكما كاذب » . فحكم على الصادق والكاذب حكما واحدا : أن أخرجهما من الحد . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن جاءت به أحيمر فلا أراه الا قد كذب عليها ، وان جاءت به أديعج فلا أراه إلا قد صدق » فجاءت به علي النعت المكروه . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ان أمره لبين لولا ما حكم الله [1] » . فأخبر أن صدق الزوج على الملتعنة بدلالة على صدقه أو كذبه بصفتين ، فجاءت دلالة على صدقه ، فلم يستعمل عليها الدلالة ، وأنفذ عليها ظاهر حكم الله تعالى : من ادراء الحد ، وإعطائها الصداق ، مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ان أمره لبين لولا ما حكم الله [1] » .
وفي مثل معنى هذا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله :
« انما أنا بشر ، وإنكم تختصمون إلي ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، فأقضي له على نحو ما أسمع منه ، فمن قضيت له بشئ من حق أخيه فلا يأخذه ، فإنما أقطع له قطعة من النار » . فأخبر أنه يقضي على الظاهر من كلام الخصمين ، وانما يحل لهما ويحرم عليهما فيما بينهما وبين الله على ما يعلمان .
ومن مثل هذا المعنى من كتاب الله قول الله عز وجل : [ إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله ، والله يعلم انك لرسوله ، والله يشهد ان المنافقين لكاذبون [1] ] فحقن رسول الله صلى الله عليه وسلم دماءهم بما أظهروا من الاسلام ، وأقرهم على المناكحة والموارثة ، وكان الله أعلم بدينهم بالسرائر ، فأخبره الله أنهم في النار ، فقال : [ ان المنافقين في الدرك الأسفل من النار [2] ] .
وهذا يوجب على الحكام ما وصفت : من ترك الدلالة الباطنة ، والحكم بالظاهر من القول أو البينة أو الاعتراف أو الحجة . ودل أن عليهم أن ينتهوا إلى ما انتهي بهم اليه ، كما انتهى رسول الله صلي الله عليه وسلم في المتلاعنين إلى ما انتهى به اليه . ولم يحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم في حكم الله ، وأمضاه على الملاعنة ، بما ظهر له من صدق زوجها عليها بالاستدلال بالولد - : أن يحدها حد الزانية .
فمن بعده من الحكام أولى أن لا يحدث في شئ ، لله فيه حكم ، أو لرسوله [3] صلى الله عليه وسلم - : غير ما حكما به بعينه ، أو ما كان في معناه .



[1] قال الشافعي في الأم ( 111 : 5 ) : « فيما حكي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لاعن بين أخوي بني العجلان ، ولم يتكلف أحد حكاية حكم النبي صلى الله عليه وسلم في اللعان ، أن يقول : قال للزوج : قل كذا ، ولا للمرأة : قولي كذا ، إنما تكلفوا حكاية جملة اللعان - : دليل على أن الله عز وجل إنما نصب اللعان حكاية في كتابه ، فإنما لاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المتلاعنين بما حكم الله عز وجل في القرآن ، وقد حكى من حضر اللعان في اللعان ما احتيج إليه ، مما ليس في القرآن منه » . وقوله « بما حكم الله » أرجح أن صوابه « بما حكى الله » .
[2] في ب و س « وفي كتاب الله » والواو مكتوبة في الأصل بخط غير خطه .
[3] هنا في ج زيادة « قال الشافعي » .
[4] مضى في مواضع كثيرة ، منها في ( باب ما أبان الله لخلقه من فرضه على رسوله اتباع ما أوحي إليه . الخ ) في الفقرات ( 298 - 309 ) . وللشافعي - رضي الله عنه - في هذا الموضع فصل نفيس جدا ، كتبه في الأم ( 113 : 5 - 114 ) يجب أن نلحقه بكلامه هنا ، إتماما له وبيانا ، لأنه بموضوع ( الرسالة ) أشبه : ( قال الشافعي : ففي حكم اللعان في كتاب الله ، ثم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم - : دلائل واضحة ، ينبغي لأهل العلم أن ينتدبوا بمعرفته
[1] ، ثم يتحروا أحكام رسول الله صلى الله عليه وسلم في غيره على مثاله
[2] ، فيؤدون
[3] الفرض ، وتنتفي عنهم الشبه التي عارض بها من جهل لسان العرب وبعض السنن ، وغبى عن موضع الحجة . منها : أن عويمرا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل وجد مع امرأته رجلا ، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل . وذلك أن عويمرا لم يخبره أن هذه المسئلة كانت . وقد أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن عامر بن سعد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يكن فحرم من أجل مسئلته » . وأخبرنا ابن عيينة عن ابن شهاب عن عامر بن سعد عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل معناه . قال الله عز وجل : [ لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ، وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم ، عفا الله عنها ، والله غفور حليم . قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين
[4] ] . قال الشافعي رحمه الله تعالى : كانت المسائل فيها فيما لم ينزل ،
[1] كذا في الأم ، ولعل صحته « لمعرفته » باللام .
[2] في الأم « أمثاله » وهو خطأ .
[3] في الأم « فهو دون » وكتب مصححها بحاشيتها ما يفيد تصحيحها بما أثبتنا . ( 4 ) سورة المائدة ( 101 و 102 ) .
[1] في الأم « لسنة » باللام ، وهو خطأ .
[1] سورة النساء ( 113 ) .
[2] في الام « لأزواجه » وهو خطأ مطبعي واضح . ( 3 ) سورة الأحزاب ( 34 ) . ( 4 ) في الأم « ما تبين مما في كتاب الله » وهو تحريف ، صحته ما كتبنا .
[1] سورة الصافات ( 102 ) . ( 2 ) سورة الاسراء ( 60 ) .
[1] انظر ما مضى في حاشية رقم ( 428 ) . ( 1 ) سورة المنافقون ( 1 ) . ( 2 ) سورة النساء ( 145 ) . ( 3 ) في الأم « ولا لرسوله » وهو خطأ واضح . وواجب على الحكام والمفتين أن لا يقولوا الا من وجه لزم من كتاب الله أو سنة أو إجماع ، فإن لم يكن في واحد من هذه المنازل اجتهدوا عليه ، حتى يقولوا مثل معناه ، ولا يكون لهم - والله أعلم - أن يحدثوا حكما ليس في واحد من هذا ولا في مثل معناه ) .

150

نام کتاب : الرسالة نویسنده : الإمام الشافعي    جلد : 1  صفحه : 150
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست