responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعانة الطالبين نویسنده : البكري الدمياطي    جلد : 1  صفحه : 212


صلاته ، فإن ذلك فرع عن التفكر في غير ما هو فيه ، ولا سيما إذا كان الدعاء بطلب أمر دنيوي ، اللهم إلا أن يقال إن هذا نشأ من التسبيح والدعاء المطلوبين في صلاته أو القراءة فليس أجنبيا عما هو فيه . اه‌ . وفي الاحياء : واعلم أن من مكايده - أي الشيطان - أن يشغلك في صلاتك بذكر الآخرة وتدبير فعل الخيرات ليمنعك عن فهم ما تقرأ . فاعلم أن كل ما يشغلك عن فهم معاني قراءتك فهو وسواس . فإن حركة اللسان غير مقصودة بل المقصود معانيها . ( قوله : وجوارحه ) أي وخشوع بجوارحه . وقوله : بأن لا يعبث بأحدها تصوير للخشوع بالجوارح . ( قوله : وذلك لثناء الله تعالى إلخ ) أي وإنما كان الخشوع سنة لثناء الله تعالى على فاعلي الخشوع ، أي المتصفين به . ولقوله عليه الصلاة والسلام : ما من عبد يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يقوم فيركع ركعتين يقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وقد أوجب الله له الجنة . ( قوله : ولانتفاء ثواب الصلاة بانتفائه ) أي الخشوع . ( قوله : كما دلت عليه ) أي على انتفاء ما ذكر . وقوله : الأحاديث الصحيحة سيأتي بيان بعضها . ( قوله : ولان لنا وجها اختاره جمع أنه شرط للصحة ) قال حجة الاسلام الغزالي في بيان اشتراط الخشوع والحضور : اعلم أن أدلة ذلك كثيرة . فمن ذلك قوله تعالى : * ( وأقم الصلاة لذكري ) * وظاهر الامر الوجوب ، والغفلة تضاد الذكر . فمن غفل في جميع صلاته كيف يكون مقيما للصلاة لذكره . وقوله تعالى : * ( ولا تكن من الغافلين ) * فهي وظاهره التحريم . وقوله . عز وجل : * ( حتى تعلموا ما تقولون ) * تعليل لنهي السكران . وهو مطرد في الغافل المستغرق بالوسواس وأفكار الدنيا . وقوله ( ص ) : إنما الصلاة تمسكن وتواضع . حصر بالألف واللام . وكلمة إنما للتحقيق والتوكيد . قوله ( ص ) : من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا . وصلاة الغافل لا تمنع من الفحشاء والمنكر . وقال ( ص ) : كم من قائم حظه من صلاته التعب والنصب . وما أراد به إلا الغافل . وقال ( ص ) : ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها . والتحقيق فيه أن المصلي مناج ربه عز وجل ، كمورد به الخبر . والكلام مع الغفلة ليس بمناجاة البتة .
وأطال الكلام في الاستدلال على ذلك ، ثم قال : فإن قلت إن حكمت ببطلان الصلاة وجعلت حضور القلب شرطا في صحتها خالفت إجماع الفقهاء ، فإنهم لم يشترطوا إلا حضور القلب عند التكبير . فاعلم أنه قد تقدم في كتاب العلم أن الفقهاء لا يتصرفون في الباطن ولا يشقون عن القلوب ولا في طريق الآخرة ، بل يبنون ظاهر أحكام الدين على ظاهر أعمال الجوارح .
على أنه لا يمكن أن يدعي الاجماع ، فقد نقل عن بشر بن الحارث فيما رواه عنه أبو طالب المكي عن سفيان الثوري أنه قال : من لم يخشع فسدت صلاته . وروي عن الحسن أنه قال : كل صلاة لا يحضر فيها القلب فهي إلى العقوبة أسرع . وعن معاذ بن جبل : من عرف من على يمينه وشماله متعمدا وهو في الصلاة فلا صلاة له . وروي أيضا مسندا ، قال رسول الله ( ص ) : إن العبد ليصلي الصلاة لا يكتب له سدسها ولا عشرها ، وإنما يكتب للعبد من صلاته ما عقل منها . وهذا لو نقل عن غيره لجعل مذهبا فكيف لا يتمسك به ، وقال عبد الواحد بن زيد أجمعت العلماء على أنه ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها ، فجعله إجماعا . وما نقل من هذا الجنس عن الفقهاء المتورعين وعن علماء الآخرة أكثر من أن يحصى . والحق الرجوع إلى أدلة الشرع ، والاخبار والآثار ظاهرة في هذا الشرط ، إلا أن مقام الفتوى في التكليف الظاهر يتقدر بقدر قصور الخلق ، فلا يمكن أن يشترط على الناس إحضار القلب في جميع الصلاة فإن ذلك يعجز عنه كل

212

نام کتاب : إعانة الطالبين نویسنده : البكري الدمياطي    جلد : 1  صفحه : 212
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست