جعل الله ذهاب الحيض للتي لم تيئس دليلا على الحمل ، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه : ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن ) [59] فجعل الثلاثة الأشهر أمدا للتي قد يئست من الحيض واللاء لم يحضن من الصبايا ، فمتى قعدت ذات الحيض من ذوات البعول عن حيضها ، وجب عليها أن تتوقى ما يتوقاه ذوات الحمل مثلها ، حتى يتبين لها أمرها ، وتستبري من ذلك رحمها ، فلذلك قلنا : إنه يجب على من كان كذلك من النساء توقي ما يجب توقيه من الأشياء ، مثل الأدوية التي يخاف على الجنين منها ، وغير ذلك مما يخاف أن يضرها ، ولذلك ما قيل به في المرأة ، يطلقها زوجها فتحيض حيضة ، ثم ينقطع عنها الحيض ، وهي من ذوات الحيض اللواتي لم ييئسن منه لكبر السن : إنها تنتظر بنفسها الحيض ، إلى وقت الاياس منه وهي أن تبلغ ستين سنة ، فإذا بلغت ستين سنة ، ولم ترد ما ، اعتدت بالأشهر ثلاثة أشهر ، ثم حلت للأزواج . قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه : وعلى هذا القياس يجب على كل من كانت عنده امرأة ، فأراد أن يتزوج أختها فطلقها ، فحاضت حيضة ، وكانت غير مؤيسة ، ثم لم تر بعد تلك الحيضة دما ، أن لا يتزوج أختها حتى تحيض ما بقي من حيضها ، وتستوفي عدتها بالحيض ، أو حتى يأتي عليها من السنين ما تكون فيه وبه آيسة من الحيض ، فتعتد حينئذ بالأشهر ، ثلاثة أشهر ثم تحل للمطلق من بعد ذلك أختها ، ولا يجوز له غير ذلك فيها ، لأنها غير آيسة ، وإذا كانت كذلك فلا عدة لها إلا بالحيض ، وهذا الحبس فإنما هو مرض نزل بها ، وليس يجب عليها أن تعتد بغير ما جعل الله من الحيض لها ، فهي ما