التائبين الصالحين ، فأما من كان مصرا على المعاصي مقيما عليها ، زاهدا في الطاعة تاركا ، لها فان الله لا يقبل منه فرائضه ، فكيف نوافله ، وفي ذلك ما يقول رب العالمين : ( إنما يتقبل الله من المتقين ) [39] فمن لم يكن من المتقين فليس عند الله من المقبولين ، ولا من المثابين ، بل هو عند الله من المقبوحين ، وفي الآخرة بلا شك من المعذبين . وفي إسباغ الوضوء ما بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : " ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطى إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط " . قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه : فأما ما يقال به من أن الاستنشاق والمضمضة سنة ليستا بفريضة ، فلا يلتفت إلى ذلك لان الله أمر ، بغسل الوجه أمرا وهما من الوجه حقا ، ففرضه عليهما واجب كوجوبه عليه ، إذ هما بلا شك منه وفيه ، وهما فمأوي الأدران من وجه كل انسان ، وإنما يؤمر بغسل العضو من الأعضاء لكي يماط ما فيه من الأذى وينقى ، فكيف يأمر الله سبحانه بغسل ما نقي من وجه الانسان ، ولا يأمر بغسل ما يحمل منه الأوساخ والأدران ! . وفي ذلك ما حدثني أبي عن أبيه القسم بن إبراهيم رحمة الله عليهم فيمن نسي المضمضة والاستنشاق فقال : لا يجزيه إلا أن يتمضمض ويستنشق لان الفم والمنخرين من الوجه ، وقد أمر الله بهما فقال : ( فاغسلوا وجوهكم ) [40] وهما من الوجه .