من موافقتها ألا تسمع كيف يقول سبحانه : ( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة ) [72] يقول سبحانه : ولن تستطيعوا أن تساووا بينهن في المحبة أبدا ، ولو جهدتم جهدكم ، إذ هن مختلفات في أعينكم وموافقتكم وقلوبكم ، فلم يكلفكم المساواة بينهن في المحبة لهن ، كما كلفكم المساواة بينهن في غير ذلك من أمرهن ، لأنه علم سبحانه أن ذلك مما لا تقدرون عليه ، ولا تستطيعون أبدا المصير إليه ولن يكلف الله عز وجل عباده ما لا ينالونه ولا يقدرون عليه ولا يطيقونه ألا تسمع كيف يقول ذو الجلال والاكرام والطول : ( لا يكلف الله نفسا وإلا وسعها ) [73] ويقول ( لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها ) [74] ويقول عز وجل : ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) [75] ويقول جل جلاله عن أن يحويه قول أو يناله : ( وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين ) [76] يريد ما جعل عليكم في الدين والتحقيق من عسر ولا تشديد ولا تضييق ، ولعمر العماة المتجبرين ، والغواة المبطلين ، ما من ضيق ولا عسر ولا تكليف لما لا يطاق من الامر أشد من هذا لو كان كما يقول الجاهلون وينسب إلى الله عز وجل الظلمة الضالون ، بل كلف سبحانه يسيرا وأعطى على كل قليل كثيرا ، ولم يجز لعباده من ذلك أمرا ، بل أحدث لهم عنه نهيا وزجرا ، فتعالى عن ذلك الكريم ذو الجبروت المتفضل ذو الرأفة والملكوت ، والحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، وسلام على المرسلين .