من صيده أو ذبح من صيد غيره فهو حرام عليه وعلى كل حلال ، ولا يحل له ولا للحلال أكله في حكم ذي الجلال ، وإنما قلنا بذلك وكان الامر فيه عندنا كذلك لان الله سبحانه يقول : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم ) [29] فلما أن حرم الله قتل الصيد على المحرمين لم يجز لهم ذبحه لان الذبح هو القتل فكان ما قتل منه المحرم فاسد الذكاة غير ذكي ، ولا حلال الاكل ولا ذكي ، فلما أن فسد على ذابحه ذبحه ولم يتم له ذكاته لما كان من احرامه وتحريم الله عليه في تلك الحال لاصطلامه ، كان كمن قتل بهيمة قتلا ، ولم يذبحها كما أمره الله ذبحا ، فحرمت على الآكلين بقتله إياها ، واحداثه ما أحدث من خلاف ما أمره به فيها ، فكذلك أيضا تحريم ما ذبح المحرم من الصيد لمخالفة الذابح لربه في ذبحه ، فكان ذبح المحرم للصيد ، وقد حرم عليه ذبحه كقتل الحلال من الدواب ، ما أمر بتذكيته ، فلذلك قلنا إنه لا يجوز لحلال ولا لمحرم أكل ما ذبح المحرم ، لأنه قد نهى عن ذبحه وحرم عليه ذلك من فعله ، كما قلنا إن أكل كلما قتله من النعم قاتل بوقذ أو بضرب أو غير ذلك مما لا يكون لما قتله قاتله له مذكيا حرام أكله على قاتله وغيره ، لان الموقوذة إنما حرم أكلها بتحريم الله له ، وكذلك ما ضرب بالعصا حتى يقتل فهو حرام على قاتله وغيره ، وإنما حرم هذا لحظر الله له فكذلك حرم ما قتل المحرم بذبح أو غيره من الصيد بتحريم الله لقتله عليه . قال يحيى بن الحسين عليه السلام : فإن اضطر مضطر محرم إلى أكل الصيد أو الميتة كان له أن يأكل من الميتة دون الصيد ، فان خاف على نفسه من الميتة أكل من الصيد وفدى ، ولا يجوز له أكله إلا من بعد المخافة على نفسه .