فحج إبراهيم صلى الله عليه بأهله والمؤمنين ، حتى انتهى إلى بيت رب العالمين وأمره الله سبحانه بالأذان بالحج ، فأذن ودعا إلى الله فأسمع وأجابه إلى ذلك من آمن بالله واتبع أمره ، واجتمعوا إلى إبراهيم صلى الله عليه وسلم فخرج بمن معه متوجها إلى منى . فيقال : إن إبليس اعترض له عند جمرة العقبة فرماه بسبعة أحجار يكبر مع كل حجرة تكبيرة ، ثم اعترض له عند الجمرة الثانية ، ففعل به ما فعل عند الجمرة الأولى ، ثم اعترض له عند جمرة الثالثة ، فرماه كما رماه عند الجمرة الثانية ، فأيس من إجابته له وقبوله لقوله فيقال : إنه صده وضلله عن طريق عرفة فأتى صلى الله عليه وسلم ذا المجاز فوقف به فلم يعرفه ، إذ لم ير فيه من النعت مانعت له فسار عنه وتركه ، فسمي ذلك المكان لمجاز إبراهيم به ذا المجاز ، فلما أتى إبراهيم صلى الله عليه وسلم الموضع الذي أمر باتيانه عرفه بما فيه من العلامات التي نعتت له ، فقال صلى الله عليه : " قد عرفت هذا المكان ، فسمي عرفات ، فنزل بها حتى صلى الظهر والعصر معا ، ثم وقف بالناس وجعل إسماعيل إماما ، فوقف مستقبلا للبيت حتى غربت الشمس ، ثم دفع بالناس فصلى المغرب والعشاء الآخرة بالمزدلفة " ، ويقال والله أعلم : إنها سميت مزدلفة لازدلاف الناس منها إلى منى وأنما سمي موضعها جمعا لأنه جمع بين الصلاتين بها ، ثم نهض صلى الله عليه وسلم حين طلع الفجر فوقف على الظرب [4] الذي يقال له : قزح ، ووقف الناس حوله وهو المشعر الحرام الذي أمر الله بذكره عنده ، ثم أفاض قبل طلوع الشمس فرمى جمرة العقبة بسبع حصيات ، ثم نزل منى فذبح وحلق وصنع ما يصنع الحاج ، وأرى الناس مناسكهم ، فاستمر عليه المؤمنون معه وبعده ، وكان الحج فرضا على
[4] الضرب الروابي الصغار . ضرب ككتف قال في القاموس . وهو ما نتأمن الحجارة وحد طرفه أو الجبل المنبسط أو الصغير .