شهرين في الصيام ، ولا يجد ما يجده غيره من الأنام ، من العتق في كفارة أو الاطعام ، ثم يقال : لمن شدد في ذلك ولم ير أن صاحب الصيام في الفسحة عند الضرورة كذلك . ما تقول في رجل ظاهر من امرأته ، وكان معسرا في ذات يده ، لا يطيق أن يعتق رقبة لكفارة ، ولا ينال اطعاما لشدة فاقته ، ولا يستطيع أن يواصل بين شهرين لفوادح ما هو فيه من علته ، وقد يطيق بالمشقة الشديدة أن يصوم شهرا واحدا ، ولا يطيق أن يزيد عليه يوما فردا ، وكان معروفا بشدة الأسقام ، مبتلى بهجوم الفوادح منها بين الأنام ؟ أتحرمون عليه امرأته أبدا إذا لم يطق غير ما به أتى ؟ أم تقولون له كما قال له ربه العلي الأعلى : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) [50] وكما قال تعالى : ( لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها ) [51] ؟ فإن قالوا بل نقول له ما قال الله : ونطلق لذلك المبتلى ما أطلق الله ، أصابوا في قولهم ، واتبعوا الرشد من أمرهم ، ورجعوا إلى ما به قلنا ، وتكلموا في ذلك بما به تكلمنا ، وإن قالوا : بل نقول لمن لم يجد إلى العتق والاطعام سبيلا ، وكان في جسمه أبدا مبتلى عليلا ، وقد يطيق أن يصوم شهرا ثم يفطر يوما أو يومين ، عند تراكم سقمه وهجوم فادح علته ، فإذا أفاق من هائل سقمه عاد إلى ما كان فيه من صومه ، فيكمل ما أمر به من الشهرين ، فإن قالوا : امرأتك عليك حرام أبدا حتى تأتي بما لا تستطيع ، وتفعل من الأمور المستصعبة مالا تطيق ، فقد خالوا في ذلك كتاب ربهم وشددوا فيما جاء مسهلا من عند خالقهم ، لان الله سبحانه يقول : ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) [52] ويقول : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) [53] ويقول :