حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن الذباب يدخل في حلق الصائم فقال : لا يفسد ذلك عليه ما هو فيه من الصيام . قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه : ولا يفسد الصوم ذوق الشئ بطرف اللسان لان الله سبحانه إنما حرم على الصائم إدخال الشئ إلى جوفه من الطريق التي جعلها الله مسلكا لغذائه ، فأما الفم فلا يفسد ما دخله الصيام ولو أفسد ما دخله الصيام ، وان لم يصل إلى جوفه لأفسدته المضمضة بالماء ، ولو أفسدت المضمضة الصيام لم يكن يجتمع صيام وصلاة ، وكان الصيام يبطل الصلاة ، وكانت الصلاة تبطل الصيام ، لأنه لا صلاة إلا بوضوء ولا وضوء الا بمضمضة والصلاة واجبة على المسلمين كما الصيام واجب عليهم ، فلذلك قلنا إن كان ما دخل الفم ولم يصل إلى الجوف من عسل أو خل أو ماء غير مفسد للصيام . باب القول فيمن جعل على نفسه لله صوما مسمى قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه : يعمل من ذلك على نيته ، إن قال : عشرين يوما ونواها مجتمعة صامها مجتمعة كما نوى ، وإن كان أوجب على نفسه عددا ، ولم يوجب على نفسه أن يكون ذلك معا فلا بأس بتفريقها عندما يكون من صيامه لها ، وكذلك لو جعل على نفسه صيام سنة لكان ينبغي له أن يفطر العيدين ، وأيام التشريق ، ويقضي ذلك وكذلك أرى عليه أن يقضي شهر رمضان ، لأنه ليس من نذره ، لان النذر إنما هو إيجاب ما لا يجب ، وشهر رمضان فواجب صومه لله عز وجل على كل إنسان ، فلذلك قلنا إن عليه أن يأتي بشهر غيره حتى يتم به نذره ، وما ألزم لله على نفسه ، فإن نوى أنه فيها فليس يلزمه قضاؤه