باب القول فيما تقضي الحائض قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه : تقضي الحائض الصوم ولا تقضي الصلاة ، وإنما قلنا بذلك لان الله حكم على المريض بقضاء الصوم ، ولم يحكم على المريض بقضاء صلاة مما فاته من الصلوات في حال ما يغمى عليه ، فلما أن وجدناه تبارك وتعالى قد حكم بقضاء الصوم على المريض الذي لا يستطيع أن يصوم لقوله : ( ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) [39] ولم نجده حكم على من لم يقدر على الصلاة أياما من المرضى بقضاء ما فاته من صلاة تلك الأيام ، وكان أكثر ما يجب على من كانت تلك حاله من المرضى أن يصلي عند إفاقته صلاة اليوم الذي يفيق في آخره ، أو الليلة التي يفيق في آخرها ، ووجدنا الحيض مرضا وعلة تدخل على المرأة حتى ربما طرحتها [40] أمراض الحيض عند مجيئه كأشد ما يكون من طرح الأمراض ، فألزمناها ما يلزم المريض ، وطرحنا عنها ما يطرح عن المريض ، ولم نلتفت إلى تمادي المرض وشدته ، ولا إلى سهولته وقلته من بعد أن بان لنا أنه مرض من الأمراض ، وعلة عارضة كسائر الاعراض ، ومما وافق قولنا في ذلك من الروايات الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( أنه لم يأمر أحدا من نسائه بقضاء الصلاة كما أمرهن بقضاء الصوم ) وكذلك وعلى ذلك رأينا جميع مشايخ آل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعلمائهم ، لم يسمع بأحد منهم أوجب على حايض قضاء صلاتها كما يوجبون عليها قضاء [41] ما أفطرت من أيامها .
[39] البقرة 185 . [40] في نسخة ( في ) . [41] في نسخة ( صيام ما أفطرت ) .