طرحتها منه فهو مثل ما ذكرها [13] في الآيتين المتقدمتين ، وفي مثل ذلك ما يقول الشاعر : نزلتم منزل الأضياف منا فعجلنا القرى أن تشتمونا فقال : فعجلنا القرى أن تشتمونا ، وإنما أراد فعجلنا القرى أن لا تشتمونا ، فطرحها وهو يريدها وأما ما كان من كلامها مما تثبت لا فيه وهي لا تريدها ، مثل قول الشاعر : بيوم جدود لأفضحتم أباكم وسالمتموا والخيل تدمي شكيمها فقال : لأفضحتم أباكم وإنما أراد بيوم جدود فضحتم أباكم فأدخل لا لغير سبب ولا معنى صلة للكلام ، والشاهد لذلك في كتاب الله تعالى قول الله سبحانه : ( لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شئ من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) [14] فقال : لئلا يعلم أهل الكتاب ، وإنما أراد تبارك وتعالى : ليعلم أهل الكتاب ومن ذلك قول موسى صلى الله عليه ( يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعني أفعصيت أمري ) . فقال : ألا تتبعني ، وإنما أراد أن تتبعني ، وهذا عند العرب فأعرب إعرابها ، وأفصح ما تأتي به من خطابها أن تطرح لا وهي تريدها فيخرج لفظ كلامها لفظ إيجاب ومعناه معنى نفي ، وتثبت ، لا وهي لا تريدها فيخرج لفظ كلامها لفظ نفى ومعناه معنى إيجاب ، وكذلك تفعل أيضا بالألف وحدها تطرحها وهي تريدها وتثبتها وهي لا تريدها فيأتي لفظ ما طرحتها منه لفظ نفي ، وإن كان معناه معنى إيجاب ويأتي لفظ ما أثبتتها فيه وهي لا تريدها لفظ شك ، وإن كان معناه معنى خبر وإيجاب ، فأما ما طرحتها منه وهي تريدها فمثل قولها
[13] في نسخة فهو مثل ما ذكرنا في الآيتين الأوليين . [14] الحديد 29 .