الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ) [10] فأطلق سبحانه الأكل والشرب في الليل كله قبل النوم وبعده حتى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود . والخيط الأبيض فهو عمود الفجر ونوره ، والخيط الأسود فهو الليل وظلمته ، يقول : كلوا واشربوا حتى يخرج الليل وظلامه ، ويدخل النهار وإسفاره [11] ، ومعنى دخوله هاهنا فهو قربه وغشيانه ودنوه وإتيانه فللناس أن يشربوا ويأكلوا حتى يخافوا هجوم الصباح ، فإذا قرب دنو الصباح وجب عليهم أن يكفوا وعن المأكول والمشروب يمتنعوا ، وأجاز لهم سبحانه غشيان نسائهم متى أحبوا من ليليهم حتى يخافوا هجوم صبحهم فإذا دنا ذلك اعتزلوهن ، وكفوا عن مجامعتهن وإتيانهن وقال سبحانه : في من كان من عباده مريضا لا يستطيع لضعفه صياما ، وفي الشيخ الكبير الذي قد عجز عن أداء فرض الصيام : ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون ) [12] . قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه : معنى قوله سبحانه وعلى الذين يطيقونه هو وعلى الذين لا يطيقونه فطرح لا وهو يريدها والقرآن فهو عربي مبين ، وهذا فموجود في لغة العرب ، وفي آي كثير من الكتاب موجود ، والعرب تأتي بلا في كلامها وهي لا تريدها ، وتطرحها وهي تريدها ، استخفافا لها ، فأما مجيؤها بالكلام الذي تريدها فيه وقد
[10] البقرة 187 . [11] في نسخة وإشراقه . [12] البقرة 184 .