من رجل جزافا وهو في سنبله وأخذ الثمن منه ثم أتى المصدق فوجده قد باعه فإنه يأخذ ما يجب فيه منه ويرجع المشترى على البايع بقيمة ما أخذ المصدق من ذلك ، وقد قال غيرنا : إنه يجزيه أن يأخذ من البايع قيمة ما يجب له في ذلك الزرع ، ولا يأخذ من المشترى شيئا ، ولسنا نرى ذلك لأنه يجب على صاحب الزرع أن يخرج عشر زرعه منه لا من غيره ، فإذا أخطأ رد عن خطائه ولم يسوغ له ما لا يسوغ ، لان الثمرة التي أوجب الله فيها ما أوجب قائمة بعينها في يد هذا المشتري الذي اشترى ما لا يجوز له أن يشتريه ، فعليه أن يرده إلى أصحابه ، ويرجع بقيمته على من باعه إياه ولو جاز أن يأخذ من البايع عشر ما أخرجت أرضه نقدا لجاز أن يؤخذ عشر الحنطة من التمر ، وعشر التمر من الحنطة ، وأن يأخذ من ذلك وفيه نقدا ذهبا وفضة ، وهذا خلاف قول الله سبحانه حين يقول : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) [70] لأنه أراد بقوله : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) [71] أخرجوا منه ما يجب فيه ، وفي ذلك ما قال [72] رسول الله صلى الله عليه وآله : ( الحنطة من الحنطة ، والتمر من التمر والخف من الخف والظلف من الظلف ) ، قال : فإن لم يأت المصدق حتى أستهلك المشترى الطعام ، فهذا خلاف المسألة الأولى ، لان الطعام كان قائما في الأولى بعينه ، [73] وهو في هذه مستهلك فله أن يأخذ من البايع عشر قيمة الطعام ، وكذلك لو استهلكه صاحبه الذي باعه وبين ما أستهلك وما لم يستهلك فرق بين عند من عقل وفهم . قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه : وكل مال تلف قبل
[70] الانعام 141 . [71] الانعام 141 . [72] وفي نسخة وفي ذلك ما يقول رسول الله . [73] في نسخة لان الطعام كان في الأولى قائما بعينه .