نام کتاب : حاشية رد المحتار نویسنده : ابن عابدين جلد : 1 صفحه : 29
تعالى وسنة رسوله ( ص ) فإني راجع عنه إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله ( ص ) قال المزني : قرأت كتاب الرسالة على الشافعي ثمانين مرة ، فما من مرة إلا وكان يقف على خطأ ، فقال الشافعي : هيه ، أبي الله أن يكون كتابا صحيحا غير كتابه اه . قوله : ( قليل خطأ المرء ) أي خطأ المرء القليل ، فهو من إضافة الصفة للموصوف ، وعبر بالخطأ إشارة إلى أن ذلك واقع لا عن اختيار ، فالاثم مرفوع والثواب ثابت ط . قوله : ( في كثير صوابه ) متعلق بمحذوف حال من الخطأ : أي الخطأ القليل كائنا في أثناء الصواب الكثير أو بإغتفر ، وفي بعض مع ، أو للتعليل أفاده ط . ولا يخفى ما في الجمع بين القليل وكثير وخطأ وصواب من الطباق . قوله : ( ومع هذا ) أي مع ما حواه من التحريرات والتحقيقات اه . ح . قلت : والأولى جعله مرتبطا بقوله : ويأبى الله أي مع كونه غير محفوظ من الخلل فمن أتقنه كما تقول فلان بخيل ومع ذلك فهو أحسن حالا من فلان ط . قوله : ( فهو الفقيه ) الجملة خبر من قرنت بالفاء لعموم المبتدأ فأشبه الشرط ، والمراد بالفقيه : من يحفظ الفروع الفقهية ويصير له إدراك في الأحكام المتعلقة بنفسه وغيره . وسيأتي الكلام على معنى الفقه لغة واصطلاحا ط قوله : ( الماهر ) أي الحاذق . قاموس . قوله : ( ومن ظفر ) في القاموس : الظفر بالتحريك : الفوز بالمطلوب ظفره ، وظفر به ، وعليه . قوله : ( بما فيه ) أي من التحريرات والتحقيقات والفروع الجمة والمسائل المهمة . قوله : ( فسيقول ) أتى بسين التنفيس لان ذلك يكون عند السؤال ، أو المناظرة مع الاخوان غالبا ، أو أنها زائدة أفاد ه ط أو لأنه إنما يكون بعد اطلاعه على غيره من الكتب التي حررها غيره وطولها بنقل الأقوال الكثيرة والتعليلات الشهيرة . وخلافيات المذاهب والاستدلالات مع خلوها من تكثير الفروع والتعويل على المعتمد منها كغالب شروح الهداية وغيرها ، فإذا اطلع على ذلك علم أن هذا الشرح هو الدرة الفريدة الجامع لتلك الأوصاف الحميدة ، ولذا أكب عليه أهل هذا الزمان في جميع البلدان . قوله : ( بملء فيه ) الملء بالكسر : اسم ما يأخذه الاناء إذا امتلأ وبهاء هيئة الامتلاء ومصدره ملء . قاموس . وفيه استعارة تصريحية حيث شبه الكلام الصريح الذي يستحسنه قائله ويرتضيه ، ولا يتحاشى عن الجهر به بما يملا الاناء بجامع بلوغ كل إلى نهاية أو مكنية حيث شبه الفم بالاناء ، والملة تخييل . وهو كناية عن الاتيان بهذا القول جهرا بلا توقف ولا خوف من تكذيب طاعن ، وبين قوله فيه : وفيه الجناس التام . قوله : ( كم ترك الأول للاخر ) مقول القول وكم خبرية للتكثير مفعول ترك ، والمراد بالأول والاخر جنس من تقدم في الزمن ومن تأخر ، وهذا القول في معنى ما قاله ابن مالك في خطبة التسهيل ، وإذا كانت العلوم منحا إلهية ، ومواهب احتصاصية ، فغير مستعبد أن يدخر لبعض المتأخرين ، ما عسر على كثير من المتقدمين اه . وأنت ترى كتب المتأخرين تفوق على كتب المتقدمين في الضبط والاختصار وجزالة الألفاظ وجمع المسائل ، لان المتقدمين كان مصرف أذهانهم إلى استنباط المسائل وتقويم الدلائل . فالعالم المتأخر يصرف ذهنه إلى تنقيح ما قالوه ، وتبيين ما أجملوه ، وتقييد ما أطلقوه ، وجمع ما فرقوه ، واختصار عباراتهم ، وبيان ما استقر عليه الامر من اختلافاتهم ، فهو كماشطة عروس رباها أهلها حتى صلحت للزواج ، تزينها وتعرضها على الأزواج ، وعلى كل فالفضل للأوائل كما قال القائل :
29
نام کتاب : حاشية رد المحتار نویسنده : ابن عابدين جلد : 1 صفحه : 29