( بغبن فاحش ) أي ممن ترد شهادته له . قوله : ( لا يجوز اتفاقا ) وجاز مع غيره عنده . قوله : ( وكذا بيسير عنده ) أي لا يجوز عنده ، لأنه حيث لم يجز العقد بمثل القيمة لم يجز بالغبن اليسير بالأولى . قوله : ( خلافا لهما ) لأنه لما جاز بمثل القيمة وكان الغبن اليسير لا يمكن الاحتراز عنه ، لان حقيقته ما يقومه معه بعض المقومين جاز البيع معه . والنكتة في ذكر عدم جواز البيع عنده بالغبن اليسير مع أنها معلومة من عدم جواز بيعه منهم عنده بمثل القيمة بالطريق الأولى ليبني علي خلافهما وجواز ذلك عندهم أيضا . قوله : ( وفي السراج لو صرح بهم جاز إجماعا ) قال فيه : لو أمره بالبيع من هؤلاء فإنه يجوز إجماعا ، إلا أن يبيعه من نفسه أو ولده الصغير أو عبده ولا دين عليه فلا يجوز قطعا وإن صرح له الموكل ا ه . منح . لكن في البزازية : الوكيل بالبيع لا يملك شراءه لنفسه ، لان الواحد لا يكون مشتر وبائعا فيبيعه من غيره ثم يشتريه منه ، وإن أمره الموكل أن يبيعه من نفسه أو أولاده الصغار أو ممن لا تقبل شهادته له فباع منهم جاز ا ه . ولا يخفى ما بينهما من المخالفة ، وذكر مثل ما في السراج في النهاية عن المبسوط ، ومثل ما في البزازية في الذخيرة عن الطحاوي ، حيث قال : وفي وكالة الطحاوي : لا يجوز بيع الوكيل من نفسه أو ابن صغير له أو عبد له غير مديون ، وإن أمره الموكل بالبيع من هؤلاء أو جاز له ما صنع جاز ا ه . وفي النهاية عن المبسوط : لو باعه الوكيل بالبيع من نفسه أو ابن صغير له لم يجز وإن صرح الموكل بذلك ، لان الواحد في باب البيع إذا باشر العقد من الجانبين يؤدي إلى تضاد الاحكام فإنه يكون مشتريا ومستقضيا قابضا ومسلما مخاصما في العيب ومخاصما ، وفيه ن التضاد ما لا يخفى ا ه . وهذا موافق لما عن السراج ، وكأن في المسألة قولين ، خلافا لمن ادعى أنه لا مخالفة بينهما . والوجه ما في النهاية ، إلا إذا أجاز الموكل بعد البيع فلا يرد ما ذكره . تأمل . ولأن ما في البزازية من أنه يجوز لنفسه محله إذا صرح له بالعقد من نفسه فيه ما فيه . فعلم مما تقدم أن قول الإمام مقيد بثلاثة قيود : أن لا يطلق له كبع من شئت ، وأن لا يبيعهم بأزيد من القيمة أو يشتري منهم بأقل منها ، وأن لا يصرح بهم . ففي هذه الصور يجوز اتفاقا ، وما قاله في السراج مفهوم من القيد الأول ، فإنه إذا جاز بقوله بع من شئت يجوز بالتصريح بهم بالأولى ، وعلم من تصريحه باستثناء نفسه ، وما عطف عليه بمال إذا صرح بهم أنه عند الاطلاق لا يجوز بيعه من نفسه وما عطف عليه ، وكذلك بالأكثر من القيمة . قوله : ( إلا من نفسه وطفله ) فلا يجوز سواء كان شراؤه من نفسه لنفسه أو لطفله أو لموكله ، لأنه يصير متوليا طرفي العقد قابلا ومجيبا ، والواحد لا يتولى طرفي العقد ، فقوله من نفسه يغني عن قوله وطفله لان الطفل يعقد له أبوه ، وإنما نص عليه لأنه إذا كان يعقل البيع والشراء يجوز أن يعقد بنفسه لاذن وليه ، فدفع توهم أن يجوز بيعه له لأنه إنما يستفيد الاذن من أبيه فكان الأب هو العاقد فلا يصح وإن قال له بعه من طفلك . وعبارة المنح عن السراج : أو ولده الصغير بدل طفله ، والمراد بهما واحد فلذا عبر الشارح بلفظ الطفل ، لان مرادهم من الطفل والصغير ما كان دون البلوغ .