رضي الله عنهم . ومما يقطع به في هذا قول كعب بن زهير بحضرة النبي صلى الله عليه وآله . وما سعاد غداة البين إذ رحلوا * إلا أغن غضيض الطرف مكحول تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت * كأنه منهل بالراح معلول وكثير في شعر حسان من هذا كقوله وقد سمعه النبي صلى الله عليه وآله ولم ينكره في قصيدته التي أولها : تبلت فؤادك في المنام خريدة * تسقي الضجيع ببارد بسام فأما الزهريات المجردة عن غير ذلك المتضمنة وصف الرياحين والأزهار والمياه المطردة كقول ابن المعتز : سقاها بغابات خليج كأنه * إذا صافحته راحة الريح مبرد يعني سقي تلك الرياض ، وقوله : وترى الرياح إذا سبحن غديره * صقيلة تنفين كل قذاة ما إن يزال عليه ظبي كارعا * كتطلع الحسناء في المرآة فلا وجه لمنعه على هذا . نعم إذا قيل ذلك على الملاهي امتنع وإن كان مواعظ وحكما للآلات نفسها لا لذلك التغني ، والله أعلم . وفي الذخيرة عن النوازل : قراءة شعر الأدب إذا كان فيه ذكر الفسق والخمر والغلام يكره ، والاعتماد في الغلام على ما ذكرنا في المرأة : أي من أنها كانت معينة حية يكره ، وإن كانت ميتة فلا اه . وتقدم الكلام على ذلك في صدر الكتاب قبل رسم المفتي ، وكذا يأتي في الحظر والإباحة . ونقل قبيل الوتر والنوافل عن الضياء المعنوي : العشرون من آفات اللسان الشعر . سئل عنه صلى الله عليه وآله ؟ فقال : كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح ومعناه أن الشعر كالنثر يحمد حين يحمد ويذم حين يذم ، ولا بأس باستماع نشيد الاعراب وهو إنشاد الشعر من غير لحن ، ويحرم هجر مسلم ولو بما فيه ، فما كان منه في الوعظ والحكم وذكر نعم الله تعالى وصفة المتقين فهو حسن ، وما كان من ذكر الأطلال والأزمان والأمم فمباح ، وما كان من هجو وسخف فحرام ، وما كان من وصف الخدود والقدود والشعور فمكروه . كذا فصله أبو الليث السمرقندي . ومن كثر إنشاده وإنشاؤه حين تنزل به مهماته ويجعله مكسبة له تنقص مروءته وترد شهادته اه . قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى في الحظر والإباحة : وأما وصف الخدود والأصداغ وحسن القد والقامة وسائر أوصاف النساء والمرد ، قال بعضهم : فيه نظر . وقال في المعارف : لا يليق بأهل الديانات ، وينبغي أن لا يجوز إنشاده عند من غلب عليه الهوى والشهوة لأنه يهيجه على إجالة فكره فيمن لا يحل ، وما كان سببا لمحظور فهو محظور اه . لكن قدمنا أن إنشاده للاستشهاد لا يضر ، ومثله فيما يظهر إنشاده أو عمله لتشبيهات بليغة واستعارات بديعة . قوله : ( وضرب القصب ) الذي في البحر وغيره القضيب والظاهر أن المراد بهما واحد وهو الزمر في الغاب لأنه هو الذي يرقصون حوله ، ويدل له ما في البحر عن المعراج حيث قال : الملاهي نوعان : محرم وهو الآلات المطربة من غير غناء كالمزمار سواء كان من عود أو قصب كالشبابة أو غيره كالعود والطنبور ، لما روى أبو أمامة أنه عليه الصلاة والسلام قال : إن الله تعالى بعثني رحمة للعالمين ، وأمرني بمحق المعازف والمزامير ولأنه