responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تكملة حاشية رد المحتار نویسنده : ابن عابدين ( علاء الدين )    جلد : 1  صفحه : 421


من رفقائه وخدمه ، أو أحدا من الناس أجمعين ، اللهم إلا رأى منكرا فيغيره من ساعته على مقتضى الشريعة المطهرة العادلة ، وكانت ترد إليه الأسئلة من غالب البلاد ، وانتفع به خلق كثير من حاضر وباد .
وكان رحمه الله تعالى جعل وقت التأليف والتحرير في الليل فلا ينام منه إلا ما قل ، وجعل النهار للدروس وإفادة التلامذة وإفادة المستفتين ، ويلاحظ أمر دنياه شريكه من غير أن يتعاطى بنفسه ، وكان في رمضان يتخم كل ليلة ختما كاملا مع تدبر معانيه ، وكثيرا ما يستغرق ليله بالبكاء والقراءة ، ولا يدع وقتا من الأوقات إلا وهو على طهارة ، ويثابر الوضوء .
وكان رحمه الله تعالى حريصا على إفادة الناس وجبر خواطرهم ، مكرما للعلماء والأشراف وطلبة العلم ، ويواسيهم ، بماله . وكان كثير التصدق على ذوي الهيئات من الفقراء الذين لا يسألون الناس الحافا ، وكان غيورا على أهل العلم والشرف ناصرا لهم دافعا عنهم ما استطاع . وكان مهابا مطاعا نافذ الكلمة عند الحكام وأعيان الناس ، يأكل من مال تجارته بمباشرة شريكة مدة حياته .
وكان رحمه الله تعالى ورعا دينا عفيفا حتى أن عرض عليه خمسون كيسا من الدراهم لأجل فتوى على قول مرجوح فردها ولم يقبل ، وقد امتنع عن شراء العقارات الموقوفة التي عليها كدك أو محاكرة أو قيمة أو بالإجارتين ، وكان وقف جده لام أبيه مشروطا ننظره للأرشد من ذرية الواقف ، فامتنع من توليته وسلمه لأخيه ، ولم يتفق له قبول هدية ، من ذي حاجة أو مصلحة .
وكان رحمه الله تعالى طويل القامة شئن الأعضاء والأنامل ، أبيض اللون أسود الشعر ، فيه قليل الشيب لو عد شيبه لعد مقرون الحاجبين ، ذا ووقار ، وهيئة مستحسنة ونضار ، جميل الصورة حسن السريرة ، يتلألأ وجهه نورا ، حسن البشر ، والصحبة من اجتمع به لا يكاد ينساه لطلاوة كلامه ولين جانبه وتمام تواضعه على الوجه المشروع ، كثر الفوائد لمن صاحبه والمفاكهة ، ومجلسه مشتمل على الآداب وحسن المنطق والاكرام للواردين عليه من أهله ومحبيه وتلامذته ومصاحبيه ، كل من جالسه يقول في نفسه أنا أعز عنده من ولده مجلسه محفوظ من الفحش والغيبة والتكلم بما لا يعني ، لا تخلو أوقاته من الكتابة والإفادة والمراجعة للمسائل ، صادق اللهجة ذا فراسة إيمانية وحكمة ، لقمانية متين الدين لا تأخذه في الله لومة لائم ، صداعا بالحق ولو عند الحاكم الجائر ، تهابه الحكام والقضاة وأهل السياسة . كانت دمشق في زمنه أعدل البلاد وللشرع بها ناموس عظيم ، لا يتجاسر أحد على ظلم أحد ولا على إثبات حق بغير وجه شرعي ولا في غالب البلاد القريبة منها ، فإنه كان إذا حكم على أحد بغير وجه شرعي جاءه المحكوم عليه بصورة حجة القاضي فيفتيه ببطلانه ويراجع القاضي فينفذ فتواه ، وقل أن تقع واقعة مهمة أو مشكلة مدلهمة في سائر البلاد أو بقية المدن الاسلامية وقراها إلا ويستفتى فيها مع كثرة العلماء الأكابر والمفتين في كل مدينة ، وكانت أعراب البوادي إذا وصلت إليهم فتواه لا يختلفون فيها مع جهلهم بالشريعة المطهرة ، وكانت كلمته نافذة وشفعته مقبولة وكتابة ميمونة ، ما كتب لاحد شيئا إلا وانتفع به لصدق نيته وحسن سريرته ، وقوة يقينه ، وشدة دينه ، وصلابته فيه .
وكان رحمه الله تعالى مغرما بتصحيح الكتب والكتابة عليها ، فلا يدع شيئا من قيد أو اعتراض أو تنبيه أو جواب أو تتمة فائدة إلا ويكتبه على الهامش ويكتب المطالب أيضا . وكانت عنده كتب من سائر العلوم لم يجمع على منوالها ، وكان كثير منها بخط يده ولم يدع كتابا منها إلا وعليه كتابه ، وكان

421

نام کتاب : تكملة حاشية رد المحتار نویسنده : ابن عابدين ( علاء الدين )    جلد : 1  صفحه : 421
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست