نام کتاب : بدائع الصنائع نویسنده : أبي بكر الكاشاني جلد : 1 صفحه : 235
التغيير بالقصد والإرادة غير صحيح بدليل ان من قال لا يبعث الله من يموت وأراد به قراءة القرآن يثاب عليه ولو أراد به الانكار للبعث يكفر فدل ان ما ليس من كلام الناس في الوضع جوز أن يصير من كلامهم بالقصد والإرادة ولو أن في صلاته أو بكى فارتفع بكاؤه فإن كان ذلك من ذكر الجنة أو النار لا تفسد الصلاة وإن كان من وجع أو مصيبة يفسدها لان الأنين أو البكاء من ذكر الجنة أو النار يكون لخوف عذاب الله وأليم عقابه ورجاء ثوابه فيكون عبادة خالصة ولهذا مدح الله تعالى خليله عليه الصلاة والسلام بالتأوه فقال إن إبراهيم لاواه حليم وقال في موضع آخر ان إبراهيم لحليم أواه منيب لأنه كان كثير التأوه في الصلاة وكان لجوف رسول الله صلى الله عليه وسلم أزيز كأزيز المرجل في الصلاة وإذا كان كذلك فالصوت المنبعث عن مثل هذا الأنين لا يكون من كلام الناس فلا يكون مفسد أو لان التأوه والبكاء من ذكر الجنة والنار يكون بمنزلة التصريح بمسألة الجنة والتعوذ من النار وذلك غير مفسد كذا هذا وإذا كان ذلك من وجع أو مصيبة كان من كلام الناس وكلام الناس مفسد وروى عن أبي يوسف أنه قال إذا قال آه لا تفسد صلاته وإن كان من وجع أو مصيبة وإذا قال أوه تفسد صلاته لان الأول ليس من قبيل الكلام بل هو شبيه بالتنحنح والتنفس والثاني من قبيل الكلام والجواب ما ذكرنا ولو عطس رجل فقال له رجل في الصلاة يرحمك الله فسدت صلاته لان تشميت العاطس من كلام الناس لما روينا من حديث معاوية بن الحكم السلمي ولأنه خطاب للعاطس بمنزلة قوله أطال الله بقاءك وكلام الناس مفسد بالنص وان أخبر بخبر يسره فقال الحمد لله أو أخبر بما يتعجب منه فقال سبحان الله فإن لم يرد جواب المخبر لم تقطع صلاته وان أراد به جوابه قطع عند أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف لا يقطع وان أراد به الجواب وجه قوله إن الفساد لو فسدت إنما تفسد بالصيغة أو بالنية لا وجه للأول لان الصيغة صيغة الأذكار ولا وجه للثاني لان مجرد النية غير مفسد ولهما ان هذا اللفظ لما استعمل في محل الجواب وفهم منه ذلك صار من هذا الوجه من كلام الناس وان لم يصر من حيث الصيغة ومثل هذا جائز كمن قال لرجل اسمه يحيى وبين يديه كتاب موضوع يا يحيى خذ الكتاب بقوة وأراد به الخطاب بذلك لا قراءة القرآن انه يعد متكلما لا قارئا وكذا إذا قيل للمصلى باي موضع مررت فقال بئر معطلة وقصر مشيد وأراد به جواب الخطاب لما ذكرنا كذا هذا وكذلك إذا أخبر بخبر يسوؤه فاسترجع لذلك فإن لم يرد به جوابه لم يقطع صلاته وان أراد به الجواب قطع لان معنى الجواب في استرجاعه أعينوني فانى مصاب ولم يذكر خلاف أبى يوسف في مسألة الاسترجاع في الأصل والأصح انه على الاختلاف ومن سلم فرق بينهما فقال الاسترجاع اظهار المصيبة وما شرعت الصلاة لأجله فاما التحميد فاظهار الشكر والصلاة شرعت لأجله ولو مر المصلى بآية فيها ذكر الجنة فوقف عندها وسأل الله الجنة أو بآية فيها ذكر النار فوقف عندها وتعوذ بالله من النار فإن كان في صلاته التطوع فهو حسن إذا كان وحده لما روى عن حذيفة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ البقرة وآل عمران في صلاة الليل فما مر بآية فيها ذكر الجنة الا وقف وسأل الله تعالى وما مر بآية فيها ذكر النار الا وقف وتعوذ وما مر بآية فيها مثل الا وقف وتفكر واما الامام في الفرائض فيكره له ذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله في المكتوبات وكذا الأئمة بعده إلى يومنا هذا فكان من المحدثات ولأنه يثقل على القوم وذلك مكروه ولكن لا تفسد صلاته لأنه يزيد في خشوعه والخشوع زينة الصلاة وكذا المأموم يستمع وينصت لقوله تعالى وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ولو استأذن على المصلى انسان فسبح وأراد به اعلامه انه في الصلاة لم يقطع صلاته لما روى عن علي رضي الله عنه أنه قال كان لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم مدخلان في كل يوم بأيهما شئت دخلت فكنت إذا أتيت الباب فإن لم يكن في الصلاة فتح الباب فدخلت وإن كان في الصلاة رفع صوته بالقراءة فانصرفت ولان المصلى يحتاج إليه لصيانة صلاته لأنه لو لم يفعل ربما يلح المستأذن حتى يبتلى هو بالغلط في القراءة فكان القصد به صيانة صلاته فلم تفسد وكذا إذا عرض للامام شئ فسبح المأموم لا بأس به لان القصد به اصلاح الصلاة فسقط حكم الكلام عنه للحاجة إلى الاصلاح ولا يسبح الامام إذا قام إلى الأخريين لأنه لا يجوز له
235
نام کتاب : بدائع الصنائع نویسنده : أبي بكر الكاشاني جلد : 1 صفحه : 235