نام کتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 448
فلابدّ في إخراجه عن المفهوم من وسط ، ولا يصلح له إلاّ ما دلّ على أنّ كون الماء متّصلا بالكرّ ككونه بنفسه كرّاً في مرحلة الاعتصام عن الانفعال بالملاقاة . ولا ريب أنّ أخبار الكرّ بأجمعها قاصرة عن إفادة ذلك ، كما أنّ أخبار انفعال القليل لا تقضي بشئ من ذلك كما لا يخفى على المنصف ، فلا محيص في إنهاض هذا الوسط من مراجعة أخبار الحمّام ، وقد عرفت أنّها خالية عن الدلالة على اعتبار الكرّيّة في المادّة ، إذ قد تبيّن أنّ غلبة الكرّيّة وندرة خلافها لا عبرة بهما هنا ، مع أنّ الغلبة لو صلحت منشأ للأثر هنا لقضت باعتبار الزيادة على الكرّ بل اعتبار الكرور ، لما هو الغالب في موّاد الحمّامات من وجود كرور من الماء فيها كما لا يخفى على المتأمّل وهو كما ترى ، فإذا بنى على كون تلك الغلبة ملغاة في نظر الإمام ( عليه السلام ) ، فلِمَ لا يبنى على كون غلبة الكرّيّة أيضاً ملغاة في نظره ، مع ما فيه من استبعاد واضح لو قيل بالفرق بين ما لو بقيت المادّة بقدر الكرّ وما لو نقصت مثقالا أو عشرة مثاقيل أو عشرين مثقالا ، بدعوى : كون الأوّل من الغالب فيعتصم به ما في الحوض ، والثاني من النادر فلا يصلح للعاصميّة كما هو لازم القول بالإشتراط ، بل هو شئ يعدّ من المضحكات . فالإنصاف : أنّ اشتراط الكرّيّة في المادّة ممّا لا دليل عليه من العقل والنقل ، فالقول به خال عن الوجه جدّاً . وأمّا القول بعدم اشتراطها فمستنده - على ما عرفت عن المحقّق سابقاً - إطلاق نصوص الباب وفتاوي الأصحاب ، ولا يخدشه إلاّ ما ذكره صاحب المدارك : " من عدم صلوحها لمعارضة ما دلّ على انفعال القليل بالملاقاة ، إذ الغالب في مادّة الحمّام بلوغ الكرّيّة فينزّل عليه الإطلاق ، والمعتمد اعتبار الكرّيّة لما سيجيء من الأدلّة الدالّة على انفعال القليل بالملاقاة ، ولأنّ المادّة الناقصة عن الكرّ كالعدم " [1] وأنت بملاحظة ما قرّرناه بما لا مزيد عليه تقدر على دفع ما ادّعاه من تنزيل الإطلاق ، ونهوض أدلّة انفعال القليل على الاشتراط ، ومن العجب أنّه ينادي بأعلى صوته في مواضع عديدة - ممّا سبق ولحق - بنفي العموم عن تلك الأدلّة ويتمسّك بها هنا ، وهو لا يتمّ إلاّ مع إحراز العموم . وأمّا ما ذكره من الوجه الأخير من كون المادّة الناقصة عن الكرّ كالعدم ، فهو