نام کتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 416
وأنت بعد ما أحطت خُبراً بما قرّرناه آنفاً ، من أنّ مبنى إطلاق الجاري على النابع السائل ليس على الوضع اللغوي جزماً ، و لا العرفي و الشرعي ، حيث لا شاهد بهما أصلا ، بل إنّما هو لأجل كونه أحد أفراد مفهومه اللغوي ، تعرف أنّ بعض الكلمات المذكورة ليس في محلّه ، فالاستناد في نفي دخول ما فرض من العيون في اسم الجاري إلى عدم صدق الجريان ونحوه عليها ليس ممّا ينبغي ، والاعتراف بكونها في حكمه ممّا يشهد بما تقدّم من أنّ غرضهم في المقام ضبط موضوع الحكم لا شرح مفهوم اللفظ ، فلابدّ وأن يكون الجاري مراداً به حينئذ معنى يشمل الغير السائل أيضاً ، ومعه لا معنى لنفي دخوله في المسمّى هنا ، استناداً إلى ما يرجع إلى إحراز المسمّى اللغوي أو العرفي . والعمدة في معرفة دخوله في موضوع الحكم ملاحظة الأدلّة المقامة على ذلك الحكم ، ولا يبعد أن يقال : بعموم أكثر الأدلّة المقامة على عدم انفعاله على فرض سلامتها دلالة ، خصوصاً ما يأتي من رواية البئر المعلّلة بوجود المادّة ، على تقدير رجوع التعليل إلى حكم عدم الإفساد لا الطهر بالنزح كما هو الأظهر ، فإنّها على هذا التقدير تفيد قاعدة عامّة جارية في كلّ ذي مادّة والمقام منه ، نظراً إلى أنّ عدم السيلان على وجه الأرض ينشأ عن تحتيّة المادّة لا عن فقدها أو ضعفها كما قد يتوهّم ، ولو فرض شكّ في شمول ذلك الحكم له بملاحظة ما تقدّم من الخلاف الواقع فيه ، ولم يظهر من الأدلّة شئ ، كان المتعيّن إدخاله في عمومات انفعال القليل ، المفيدة قاعدة عامّة تجري في المقام جزماً لو خلّي و طبعها حسبما تقدّم في محلّه . وهذا ضابط كلّي في المسألة يجب الرجوع إليه في كلّ ما يشكّ دخوله في الجاري الّذي هو موضوع المسألة ، لأجل خلاف ، أو ضعف نبع ، أو يشكّ في وجود النبع ونحوه حين الملاقاة . ومن جملة ذلك ما يتعدّى محلّه خارجاً من الأرض بطريق الرشح ، وهو العرق يقال : " رَشحَ جبينه إذا عرق " ولعلّه إلى إخراج مثل ذلك ينظر ما اعتبره الشهيد في الدروس [1] من دوام النبع في الجاري ، نظراً إلى أنّ الماء في صورة الرشح يخرج شيئاً فشيئاً ، والمعتبر في عدم الانفعال اتّصال الملاقي للنجاسة بالمادّة حين تحقّق الملاقاة ،