نام کتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 369
حدث أصغر أو أكبر ، والثاني إمّا في الاستنجاء أو غيره ، والثالث هو غسالة الحمّام . فالمستعمل في الحدث الأصغر ما حكي فيه عن العامّة في منتهى العلاّمة ( 1 ) اختلافاً عظيماً وأقوالا متشتّة ، القول : بأنّه طاهر مطهّر - كما عليه أصحابنا - وهو لأكثرهم ، و بأنّه : طاهر غير مطهّر ، وهو لمحمّد بن [ الحسين ] ( 2 ) ، وحكي عن الشافعي في الجديد ، وعن المالك أيضاً ، وغيره . و بأنّه : نجس نجاسة مغلّظة ، كالدم والبول والخمر ، حتّى إنّه إذا أصاب الثوب أكثر من درهم منع أداء الصلاة ، وهو لأبي حنيفة ، و بأنّه : نجس نجاسة ضعيفة ، حتّى إنّه إذا أصاب الثوب أكثر من درهم لم يمنع الصلاة ، وهي لأبي يوسف . و بأنّه : إن كان المتوضّئ محدثاً ، فهو كما قال محمّد ، وإن كان غير محدث فهو طاهر وطهور ، وهو لزفر ، وقيل : إنّه قول للشافعي ، وعنه أيضاً أنّه توقّف فيه . وعن أبي حنيفة الاحتجاج على ما اختاره ، ومثله أبو يوسف " بأنّ هذا الفعل يسمّى طهارة ، وذلك يستدعي نجاسة المحلّ ، فشارك الّذي اُزيلت به النجاسة " ( 3 ) . وكأنّه اشتباه في القياس ، وإلاّ فالحكم بالقياس إلى أنفسهم لعلّه في محلّه ، فإنّ المستعمل في وضوئهم بملاحظة تلك النسبة لا يقصر بحسب الحقيقة عن المستعمل في إزالة البول ، وهذا القياس هو اللائق بالمقام ، لكمال المناسبة بين المقيس والمقيس عليه دون ما ذكر ، لكمال وضوح الفرق بينهما على هذا البيان ، إذ إطلاق الطهارة لا يقتضي مقابلة النجاسة على التعيين ، بل مقابلة أحد الأمرين منها ومن الحدث ، وهما في الشريعة موضوعان متغايران لا يدخل أحدهما في مسمّى الآخر ولا في حكمه ، ولذا لا يسمّى المحدث نجساً ، ولا أنّ ملاقاة المحدث توجب نجاسة الملاقي ، والتفكيك بين أنحاء الملاقاة غير معقول في النجاسات ، فلو أنّ ملاقاة الماء له حال التوضّي تؤثّر نجاسة الماء فملاقاته له في سائر الأحوال أولى بذلك ، والتسمية بالطهارة في الأوّل دون الثاني لا تصلح فارقة بينهما في الحكم بعد ما كان سبب الحكم هو الاستعمال والملاقاة . فالحقّ : أنّه طاهر في نفسه مطهّر عن الحدث والخبث بلا خلاف يعرف بين أصحابنا ، وعليه نقل الإجماعات في حدّ الاستفاضة ، منها : ما في المنتهى ( 4 ) ، وما عن المعتبر ( 5 ) .