نام کتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 29
ويمكن المناقشة أيضاً بعدم تناوله رفع الحدث ؛ لأنّ كونه تطهيراً إنّما ثبت بالشرع ، واللفظ الوارد في الخطاب إنّما يحمل على ما يتداوله العرف و يساعد عليه اللغة . ولكن دفعها بناءً على القول بثبوت الحقيقة الشرعيّة فيه وفي لفظ " الطهارة " أيضاً هيّن ، وعلى القول بعدم ثبوتها فيه بالخصوص - كما هو الأرجح - بأن نقول : حمل اللفظ على المعنى العرفي اللغوي هنا لا يقدح في دخول رفع الحدث في مفهوم التطهير ؛ فإنّ النظافة في مفهوم " الطهارة " لغةً وعرفاً في نظر العرف شئ وعند الشارع شئ آخر ، ولعلّ بينهما عموماً من وجه ، فيكون الاختلاف بينهما إختلافاً في المصداق دون المسمّى ، نظير ما لو اختلف زيد وعمرو - بعد اتّفاقهما على أنّ لفظة " زيد " موضوعة لابن عمرو - في أنّ ابن عمرو هذا الرجل أو ذاك الرجل ، فإذا حملنا التطهير الوارد في الآية على التنظيف بالمعنى الشامل لرفع الحدث والخبث معاً ، لم يكن منافياً لحمله على معناه العرفي اللغوي جدّاً . وأُجيب عن الأوليين : بأنّ ورود المطلق مورد الامتنان وإظهار الإنعام والإحسان ممّا يفيد العموم ، فيمنع عن كون لفظة " الماء " حينئذ نكرة ، بل هو اسم جنس منوّن ، على حدّ ما في قول القائل : " في الدار رجل لا امرأة " ، ومعه كان الحكم معلّقاً على الماهيّة الجنسيّة ، فيسري إلى الأفراد قاطبة . وأنّ مياه الأرض كلّها من السماء ، كما نطق به قوله تعالى : ( وأنزلنا من السماء ماءً بقدر فأسكنّاه في الأرض وإنّا على ذهاب به لقادرون ) ( 1 ) ، وقوله تعالى : ( ألم تر أنّ الله أنزل من السماء ماءً فسلكه ينابيع في الأرض ثمّ يخرج به زرعاً مختلفاً ألوانه ) ( 2 ) ، وقوله تعالى : ( هو الّذي أنزل من السماء ماءً لكم منه شراب ومنه شجر - إلى قوله - ينبت لكم به الزرع ) ( 3 ) . وجه الاستدلال بالآية الاُولى : أنّها تقضي بذلك صدراً وذيلا . أمّا الأوّل : فلكونه في معرض الامتنان ، فلولا جميع مياه الأرض من السماء لما تأتي ذلك الغرض ؛ لإمكان التعيّش من الماء بما هو من أصل الأرض . وأمّا الثاني : فلظهور قوله : ( وإنّا على ذهاب به لقادرون ) ( 4 ) في إرادة التهديد على كفران النعمة ، والعدول عن الطاعة إلى المعصية ، فلولا إذهابه بماء السماء موجباً لخلوّ