نام کتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 273
ولا يسلّم أنّ العفو في كلام كلّ قائل به وارد على إطلاقه ، ومراد به رفع جميع أحكام النجاسة لئلاّ يصحّ المقابلة ، ويوجب ذلك العدول عن المعنى الظاهر المعهود إلى معنى آخر غير معهود ، كيف وأنّ عباراتهم تنادي بأعلى صوتها أنّ القول بالعفو يلزمه عدم تجويز الاستعمال من تناول ونحوه ، وهو كما ترى من لوازم النجاسة وأحكامها ، إذ لا يعقل في المقام باعث عليه ولا داع إليه سوى قيام هذا الوصف به ، بل ظاهرهم الإجماع على أنّه لا مانع سواه فتأمّل . وعلى أيّ حال فالحاسم لمادّة هذا الإشكال ، الّذي ربّما يحصل في تشخيص محلّ المقال ، أن يجعل البحث بالنسبة إلى مسألة العفو هنا من جهتين : باعتبار ما عرفت له من المعنيين ، ثمّ ينظر في كلّ جهة إلى مقتضى ما هو الموجود من دليلها . فتحقيق الكلام في تحرير عنوان المسألتين : أنّ مرجع البحث في الطهارة والعفو بالمعنى الأوّل إلى أنّ مفاد الدليل الوارد في ماء الاستنجاء ، هل هو سلب جميع أحكام النجاسة عن هذا الماء أو سلب بعضها مع إبقاء البعض الآخر ؟ كما أنّ مرجعه على العفو بالمعنى الثاني إلى أنّ مفاد الدليل الوارد فيه هل إثبات جميع أحكام الطهارة لهذا الماء أو إثبات بعضها مع إلغاء البعض الآخر . ولا ريب أنّ النزاع على الوجه الأوّل يرجع إلى أصل الاستثناء عن عموم دليل انفعال الماء القليل بملاقاة النجاسة ، فالقائل بالطهارة لابدّ وأن يدّعي وقوع هذا الاستثناء ، والقائل بالعفو لابدّ وأن ينكر ذلك ، بدعوى : أنّ مفاد الدليل الوارد فيه كائناً ما كان إنّما هو سلب بعض أحكام النجاسة عن هذا الماء لا إخراجه عن حكم النجاسة بالمرّة ، كما أنّه على الوجه الثاني يرجع إلى تحقيق معنى الطهارة الثابتة هنا بالدليل الوارد ، بعد الاتّفاق على وقوع أصل الاستثناء ، وخروج هذا الفرد من القليل عن عموم الانفعال . فالكلام في باب الاستنجاء بالنسبة إلى كلّ من الوجهين وقع في مقامين أحدهما وفاقي ، والآخر خلافي . أمّا الأوّل على الوجه الأوّل فهو أنّه قد ثبت لماء الاستنجاء عمّا بين مشاركاته حكم يمتاز به عمّا عداه من المياه القليلة الملاقية للنجاسة جزماً . وأمّا الثاني على هذا الوجه : فهو أنّ هذا الحكم الثابت فيه هل هو خروجه عن
273
نام کتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 273