نام کتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 272
فينحصر الخلاف في الأخيرين ، والظاهر - كما هو المشهور - الجواز تمسّكاً بأصالة الطهارة عموماً وخصوصاً ، وصدق الماء المطلق عليه ، فيجوز شربه وإزالة الخبث به " [1] انتهى . وملخّص الفرق بين المعنيين للعفو : أنّ هناك مطلبين لابدّ وأن يكون أحدهما مراداً للقائل بالطهارة . أحدهما : الحكم بطهارته و استثنائه من عموم انفعال القليل بالملاقاة . وثانيهما : أنّه ما يثبت له أحكام الطهارة بأسرها ، فإن كان مدّعى القائل بالطهارة هو المعنى الأوّل ، فيقابله العفو بمعنى أنّه نجس ومرخّص في مباشرته ، وإن كان مدّعاه المعنى الثاني فيقابله العفو بمعنى أنّه طاهر يخصّ حكمه بما دون التناول ورفع الحدث والخبث . ولا ريب أنّ المتبادر من لفظ " العفو " ، الشايع جريانه في لسان القوم هو المعنى الأوّل ، فأمّا بالمعنى الثاني فغير معهود في كلامهم ، فلا ينبغي صرف إطلاقه في كلام من لم يعلم مذهبه إلى إرادة هذا المعنى ، وثبوت كون مراد الشهيد منه هذا المعنى - لقضاء دليله به - لا يقضي بكونه في كلام من عداه مراداً به هذا المعنى ، كيف وأنّ أكثر الأدلّة المقامة على القول بالطهارة - على ما ستعرفها - إنّما تقضي بما يقابل المعنى الأوّل من العفو ، فعرف منه أنّه هو المتنازع فيه . والعجب عن صاحب المدارك كيف غفل عن ذلك في قوله : " والظاهر أنّ مرادهم بالعفو هنا عدم الطهوريّة " مع فساد منشأ هذا الاستظهار ، وهو الّذي ذكره أوّلا في الاعتراض على المحقّق الشيخ عليّ ، وعلى من يجعل العفو مقابلا للقول بالطهارة ، لوضوح وهن كلّ منهما ، فإنّ الطاهر لا ينحصر أحكامه فيما ذكره ، بل له أحكام اُخر من جواز تناوله ، وعدم انفعال ما يلاقيه برطوبة ، وجواز غسل ما يباشره من الثوب والبدن بقصد التطهير الشرعي - على معنى إباحته شرعاً بعدم دخوله في البدعة المحرّمة ، نظراً إلى أنّه لو كان [ نجساً ] [2] لكان غسله بعد العنوان بدعةً وتشريعاً - إلى غير ذلك من الأحكام . فثبوت بعض أحكام الطاهر لهذا الماء - الّذي يلتزم به القائل بالعفو - لا يستلزم كونه طاهراً في مقابلة النجس ، لجواز كونه نجساً قد رفع عنه بعض أحكام النجاسة فلا منافاة ، وبهذا الاعتبار يصحّ مقابلة القول بالعفو - بالمعنى الملازم للنجاسة - للقول بالطهارة .